تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

سؤال:

أخي الفاضل ... تعددت التعريفات، واشتهرت الدراسات، لكن: لا بد مما ليس منه بد فما العلمانية؟

لن أتعب رؤوسكم بقراءة ما كُتب في دوائر المعارف والمعاجم الأوربية عن العلمانية وسوف أدخل معكم مباشرة إلى بعض النتائج:

- أولاً: هناك اتفاق بين المعاجم ودوائر المعارف المشار إليها على أن العلمانية هي توجه دنيوي محض، وتسعى لصرف الناس عن الاهتمام بالآخرة أو أي غيبيات، وتدعوهم إلى الاهتمام بالعالم الحاضر، والحياة المشاهدة، وتكرس محبة هذا العالم لأن الخير الوحيد، الحقيقي الذي يجب أن يُعترَف به هو في هذا العالم. أرجو أن نحتفظ بهذه الملاحظة معنا لأننا سنحتاجها قريباً.

- ثانياً: هناك اتفاق صراحة أو ضمناً على أن العلمانية مناهضة للأديان، ومتقاطعة معها فهي تُحوّل المقدس إلى مدنس، وتقلل من قيمة الإيمان بالله عز وجل واليوم الآخر.

لقد صرحت دائرة معارف الدين والأخلاق، ودائرة المعارف البريطانية بأن العداء قائم بين العلمانية والأديان، أما دائرة المعارف الأمريكية فلجأت إلى المراوغة مما أوقعها في التناقض فهي تقول: بأن العلمانية لا تمانع العقائد المسيحية، ولا تنكر وجود خير آخر، ثم تقول في نفس الوقت، ولكن الخير الحقيقي في هذه الحياة الحاضرة، وهو الجدير بالاهتمام والبحث وإذا كانت المسيحية تعتبر المسيح هو المنقذ والمخلص، فإن الخلاص والغاية في نظر العلمانية هو في العلمانية القائمة على التجارب والمحسوس.

- ثالثاً: مهما حاولت العلمانية والعلمانيون المصالحة مع الأديان، فإن هذا يبدو بعيداً، لأن العلمانية القائمة في أساسها على رفض المبادئ الدينية، وعدم الاعتراف بها كأسس للالتزام الأخلاقي، بل ورفض كل الماورائيات التي تقوم عليها الأديان، وتدعو إلى إقامة الأخلاق والحياة الاجتماعية والسياسية على أسس وضعية نسبية وطبعية، وهذا بحد ذاته بمثابة إعلان الحرب على الأديان؛ لأن هذه تطرح نفسها على أنها الحقيقة المطلقة.

- رابعاً: نلاحظ أن العلمانية التي تقوم على محاربة احتكار الحقيقة، وتندد بـ " ملاك الحقيقة المطلقة " تقع هي نفسها في هذا الاحتكار والتملك فهي كما تشير دائرة معارف الدين والأخلاق تطرح نفسها على أنها: دين سلبي إنكاري، وهي كما أشارت دائرة المعارف الأمريكية ترى الخلاص الوحيد والحقيقة المطلقة في العلمانية.


سؤال:
يرفض العلمانيون العرب نعتهم بالملحدين، فهل للعلمانية جذور إلحادية؟

العلمانية هي ترجمة لكلمة سكيولاريزم secularism الإنجليزية، وقد استخدم مصطلح " سكيولار " لأول مرة مع نهاية حرب الثلاثين عاماً سنة 1648 م عند توقيع صلح " وستفاليا " وبداية ظهور الدولة القومية الحديثة، وهو التاريخ الذي يعتمده كثير من المؤرخين بداية لمولد ظاهرة العلمانية في الغرب.
وكان معنى المصطلح في البداية محدود الدلالة، ولا يتسم بأي نوع من أنواع الشمول أو الإبهام إذ تمت الإشارة إلى علمنة ممتلكات الكنيسة وحسب، بمعنى نقلها إلى سلطات غير دينية، أي إلى سلطة الدولة أو الدول التي لا تخضع لسلطة الكنيسة.
وفي فرنسا في القرن الثامن عشر أصبحت الكلمة تعني من وجهة نظر الكنيسة الكاثوليكية: "" المصادرة غير الشرعية لممتلكات الكنيسة "" أما من وجهة نظر المستنيرين فإن الكلمة تعني: "" المصادرة الشرعية لممتلكات الكنيسة لصالح الدولة "".
ولكن المجال الدلالي للكلمة اتسع وبدأت الكلمة تتجه نحو مزيد من التركيب والإبهام على يد هوليوك 1817 – 1906م الذي يعتبر أول من صاغ المصطلح بمعناه المعاصر، وجعله يتضمن أبعاداً سياسية واجتماعية وفلسفية، وأراد هوليوك أن يُجنب المصطلح مصادمة الأديان فعرّف العلمانية بما يشير إلى الرغبة في الحياد فقال:""العلمانية: هي الإيمان بإمكانية إصلاح حال الإنسان من خلال الطرق المادية، دون التصدي لقضية الإيمان سواء بالقبول أو الرفض".
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير