تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كل هذه الفظائع لم تقع بأيدي المسلمين ومع ذلك "" يُوجه دائماً النقد للمسلمين، لأنهم لم يقوموا بأفضل الإنجازات، ولكن نادراً ما يُسجل لهم أنهم منعوا حدوث الأفظع في بلادهم، فلن تجد عندهم أبداً القتل المنظم للشعوب كما حدث في أمريكا الشمالية والجنوبية واستراليا، ولن تجد ما يشبه الرعب والإرهاب الستاليني، واقتلاع الملايين من البشر من جذورهم تحت مسمى الخطة الخمسية، كما أن المسلمين لا يتحملون وجود نماذج للتفرقة العنصرية كالتي شهدتها جنوب إفريقيا من قبل الهولنديين، بمباركة وبموافقة كنيستهم الإصلاحية، ولا تجد شبيهاً أبداً للعنصرية اليابانية العنيفة التي شهدتها آسيا قبل عام 1945م ولا الثقافة العنصرية التي مارسها البيض ضد الزنوج في الجنوب الأمريكي بما تتضمنه من قتل وإبادة وعنف، وشنق دون محاكمة ".

لم يحصل مثل هذا في ديار المسلمين وبلادهم وإنما في العالم المتحضر الذي يتباهى اليوم بالحضارة ويَصِم الآخرين بالتخلف، وليس لذلك من مبرر إلا أن العلمانية الشاملة المادية هي التي تسلمت القيادة، وتحكمت في مصائر الشعوب الغربية، وتريد أن تفرض نفسها على بقية الأمم في إطار العولمة، وعن طريق الممارسة الإمبريالية، والتلويح بالقوة النووية وهذا يؤكد ما ذكره الدكتور المسيري من أن "" العلمانية هي النظرية والإمبريالية هي الممارسة "" ويقودنا ذلك إلى الحديث عن العلمانية والسلام.


سؤال:
بما أننا دخلنا في السياسة، ما هو موقف العلمانية من قضية السلام؟

في الوقت الذي كان الإنكليز يحتلون البلاد العربية والإسلامية، ويرتكبون الفظائع من قتل وتدمير وإبادة وتجويع وتجهيل في العراق، والهند، ومصر، كان سلامة موسى يتغزل بالإنجليز فهم ""النظاف الأذكياء "". وهم "" أرقى أمة موجودة في العالم، والخلق الإنجليز يمتاز عن سائر الأخلاق، والإنسان الإنجليزي هو أرقى إنسان من حيث الجسم والعقل والخلق""، ثم دعا إلى التعاون معهم وهم يحتلون البلاد، ويقتلون العباد فقال: "" فنحن إذا أخلصنا النية مع الإنجليز فقد نتفق معهم إذا ضمنا لهم مصالحهم، وهم في الوقت نفسه إذا أخلصوا النية لنا، فإننا نقضي على مراكز الرجعية في مصر، وننتهي منها، فلنول وجوهنا شطر أوربا "".
هذا هو ثمن السلام بنظر سلامة موسى أن نتعاون مع الإنجليز، ونضمن لهم مصالحَهم، ومصالحُهم أن يظلوا جاثمين على صدر مصر، ينهبون خيراتها ويستذلون أهلها، ويدوسون كرامتها، ولكن هذا لا يشكل خطراً على سلامة موسى لأنه سيظل هو والنخبة الربيبة ينعمون بالرفاهية، ويتمتعون بالخيرات ما دام أسيادهم راضين عنهم، آمنين لجانبهم.
والربح الذي يحققه سلامة موسى من التعاون مع الإنجليز هو القضاء على الرجعية، والرجعية المقصودة عنده والتي يحلم بالقضاء عليها هي الأزهر الذي يبث فينا ثقافة القرون المظلمة، وشيوخ الأزهر المأفونين، الذين لا يكفون عن التوضؤ على قوارع الطرق. أليس هذا هو الفاشيست الذي يتحدثون عنه؟!.
واليوم يدعونا طارق حجي إلى الإيمان بحتمية الوصول إلى السلام مع إسرائيل، وعلينا أن نكافح لترسيخ ثقافة السلام بدلاً من ثقافة العدوان وأن نسير على خطا السادات لكي تتجنب المنطقة السقوط في العنف والماضوية والتخلف والفقر، وعلينا أن نقبل قيام دولة ديمقراطية لا دينية على كامل تراب فلسطين يتساوى فيها اليهود والمسلمون والمسيحيون. ويعني هذا أن يتنازل الفلسطينيون عن مقدساتهم، وعن حق العودة للمشردين من أبنائهم ويرضخوا لما يفرضه منطق القوة الإسرائيلي والأمريكي. إنها دعوة للاستسلام تحت عنوان:" الإيمان بحتمية السلام ".
أما مراد وهبة فالعلمانية بنظره هي الحل لمشكلة الشرق الأوسط في فلسطين ذلك أنه يعرف العلمانية بأنها "" النظر إلى النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق ""، ويعني بذلك سيادة النسبية على كافة المستويات، وإقصاء المطلقات من الوجود، لأنه لا وجود لحقيقة مطلقة، والقول بها مجرد خرافة، وسيادة المطلق يهدد السلام العالمي، لأنها ستدخل في صراع كما هو الحال بين المطلقات الثلاثة الإسلامي اليهودي والمسيحي، وليس من وسيلة لحل هذا الصراع إلا بالقضاء على المطلقات، ويتم ذلك بنفي الدوجماطيقية " أي نفي علم العقيدة " لأن مفهوم الحرب كامن في
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير