تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والقول بأن الإسلام تخلص من المعجزات لا يقل عجباً عن سابقه، فإنا إذا غضضنا الطرف عن المعجزات الحسية التي رويت بالتواتر المعنوي لسيدنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مثل الإسراء والمعراج، وانشقاق القمر، ونبع الماء من بين أصابعه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وحنين الجذع، فإن القرآن الكريم نفسه يفيض بالحديث عن المعجزات كانفلاق البحر، وانقلاب العصا، وانبجاس الماء من الحجر لسيدنا موسى عليه السلام، وشفاء المرضى، وإحياء الموتى، والكلام في المهد لسيدنا عيسى عليه السلام.

إن إنكار كل هذه المعجزات أو التعسف في تأويلها ليس إلا لوناً من أو ألوان الصلف والمكابرة والجحود.

والآن بعد أن كشفنا المغالطات التي يبني عليها الخطاب العلماني رؤاه وتصوراته ونتائجه يمكننا أن نقول: "" إن العلمنة ليست فقط رؤية غير إسلامية للوجود، بل إنها تقف موقفاً مناهضاً للإسلام نفسه، ولذلك فالإسلام يرفض العلمنة ومآلاتها النهائية ما ظهر منها وما بطن ""، يرفضها نظراً وعملاً لأنها الدنيوية المحضة، والدهرية الخالصة، والمادية المطلقة، وهي مقولات جاء الإسلام لمحاربتها، وإنقاذ الإنسان من ظلماتها وأزماتها.


سؤال:
لكن العلمانيين يقولون إن العلمنة تنقذ الإنسان من الخرافات لا الإسلام.

إن الأسلمة وليست العلمنة هي التي تحرر الإنسان من الأساطير والخرافات، والأرواح الشريرة، والشعوذة التي يُظَن أنها تتحكم في مصير الكون، وتحرره كذلك من الأنانية والنفعية والمادية، وتقيم توازناً بين الجوانب المختلفة في كيانه "" وعندما يتحرر الإنسان على هذا النحو فإن وجهة حياته وسيرها يكونان نحو تحقيق طبيعته الأصلية، تلك الطبيعة المتوائمة مع طبيعة الكائنات، ومع الوجود كله ألا وهي الفطرة، وهو كذلك يتحرر من العبودية لدوافعه الحيوانية النزاعة إلى ما هو دنيوي، وإلى ما من شأنه أن يكون ظلماً وتعدياً على جوهر كيانه وعلى روحه، ذلك أن الإنسان بما هو كائن مادي يغلب عليه نسيان طبيعته الحقة، فيجهل هدفه الحقيقي الذي من أجله خُلق، وبالتالي يزيغ عنه "".
هذا التحرير للإنسانية قد تحقق بالوحي، وهو يتجلى في أكمل صوره في الرسالة الخاتمة التي ضَمِنت للإنسانية التحرر والتقدم والرقي. كل ما علينا أن نتمثل هذه الرسالة ونتفاعل معها بكل ثقة وطمأنينة ونقبل عليها طائعين مختارين.
=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-

مركسة الإسلام

سؤال:
ما المقصود بمركسة الإسلام؟

إن بعض الماركسيين رأى أنه لا جدوى من إظهار مجابهة صريحة مع الإسلام تؤدي إلى استفزاز ردود فعل مقاومِة، فهناك طريقة أكثر إجداءً يمكن استثمارها دون استثارة مباشرة وهي تفريغ الإسلام من مضمونه وإعادة حشوه بمضامين ماركسية.
وعلى هذا الأساس اعتُبر كارل ماركس لدى بعض العلمانيين ممثلاً للإسلام أصدق تمثيل في دعوته إلى إلغاء المؤسسة الدينية. واعتبارُه الدين أفيون الشعوب لم يكن إلا بسبب ظلم المؤسسات الدينية التي تمثل الأديان تمثيلاً خاطئاً. وكانت دعوته إلى الثورة العالمية المسلحة هي الجهاد الذي حض عليه الإسلام، وإلغاؤه لنظام الدولة هو قيام الشرع الجماعي، وتأميمه لوسائل الإنتاج هو تحريم الربا، وتحريره للمجتمع من الطبقية هو الحج. ومبادئ الإسلام جميعها كالتوحيد والعدل والمساواة والأذان والحج كلها كان ماركس يمثلها تمثيلاً واقعياً صحيحاً. وكان يعي تماماً معنى قوله عز وجل " كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ " [المدثر: 38]. في مبادئ فلسفته وثورته.
وكيف لا يكون كذلك وهو - أي ماركس - وكل أئمة العلم المادي والطبيعي يعتبرون من أئمة المتقين الموصوفين في القرآن بأنهم عباد الرحمن، هؤلاء هم ماركس وإنجلر وداروين لأن"" أئمة المتقين في فرقان محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ هم أئمة العلم المادي وأئمة الناس الذين يؤمنون بالبينات المادية، وذوي التفكير العلمي البعيد من الخرافة "".
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير