ولقد بيَّن هذا بكل وضوح شمعون بيريز في مقابلة تلفازية على شبكة PBS الأمريكية بتاريخ 29 - 3 - 1996م عندما سأله المذيع ديفيد فروست عن سبب كره الأوروبيين لليهود، فقال: في القرن الماضي "أي القرن التاسع عشر" واجه اليهود هذا السؤال فقالوا: لماذا يكرهنا العالم؟ فانقسموا فرقتين، فرقة تقول: الخطأ فينا، ولذا يجب أن نصحح أنفسنا. وهذه الفرقة هي التي أنشأت دولة "إسرائيل"، وأما الفرقة الأخرى فاعتبرت أن اليهود على صواب والعالم على خطأ، فعليها تصحيح مسيرة العالم. وهذا يتطلب بناء العالم ليصبح عالماً بدون جنسيات، وبدون طبقات، وبدون دين، وبدون إله (الذي ينادي بكراهية الناس). وهؤلاء أصبحوا قادة الشيوعية والاشتراكية.
في ضوء هذه المتطلبات الحديثة في هذه المرحلة بدأت الدراسات الاستشراقية تتعامل مع القرآن بروح عدائية أكثر فمثلاً:
ظهرت مقالة في سنة 1952م للقس ألفريد غيوم، بعنوان "أين كان المسجد الأقصى؟ حيث أثبت القسيس بزعمه أن المسجد الأقصى لا وجود له في القدس، بل هو في الجعرانة "على بعد 20 كم من مكة المكرمة".
تكشف مخططات اليهود والمستشرقين للتشكيك في القرآن الكريم
وأما يهودا نيفو "الإسرائيلي" فله مقالة بأن الكعبة في مكة المكرمة ليست هي الكعبة المذكورة في القرآن، بل الكعبة الأصلية موجودة في صحراء النقب.
وادعى يهودا نيفو أيضاً أن المسلمين لم يخوضوا الحرب مع بيزنطة وأعوانها بالشام، بل سلَّمت بيزنطة المسلمين المنطقة بكاملها تسليماً ودياً، وبذلك حرَّف تاريخ الإسلام والمسلمين.
ظهر كتاب للبروفيسور اليهودي وانسبراؤ من جامعة لندن بعنوان "دراسات قرآنية" وأثبت في زعمه أن القرآن من تأليف المسلمين في القرن الثالث الهجري.
إذن مقالة توبي لستر ليست إلا حلقة في سلسلة حلقات لمحاربة القرآن وليست شيئاً جديداً.
ولمحاربة القرآن اتخذ المستشرقون والمنصرون محاور عدة، ومناهج مختلفة، فقد ينفع منهج مع البعض، وينفع منهج آخر مع البعض الآخر. ومن مناهجهم:
1 اعتبار القرآن نتاج المجتمع الإسلامي وليس كلام الله.
2 إعطاء ترجمة معاني القرآن مكانة الأصل والسماح للناس بقراءة القرآن بلغاتهم ولهجاتهم في الصلاة والتلاوة.
3 "تنظيف" القرآن من 330 آية.
4 عدم الإصرار على أن الإسلام هو الدين الحق الوحيد، فقد يكون الإسلام حقاً لبعض البشر، والمسيحية حق للبعض الآخر.
5 عدم السماح للمسلمين بتفسير القرآن، فهم غير مؤهلين لفهم النصوص القرآنية بسبب الانحياز "كونهم يؤمنون بقدسية القرآن"، والتفسير هو ما يفسره الغربي لكونه غير منحاز.
6 السماح للمسلمين بتفسير القرآن ولكن في ضوء الحقائق النصرانية.
7 إلغاء الفترة المدنية من القرآن والسيرة، والاكتفاء بالفترة المكية، وبهذا يتم التخلص من الشريعة والتركيز على التوحيد فقط، وهذا ما يطالب به خالد دوران "مجهول الهوية" والقسيس كينيث كريج.
وهناك طعون أخرى على شكل أبحاث علمية، منها اختلاف القراءات، ومنها النقص الذي كان في الخط العربي مثل عدم وجود التشكيل في زمن النبي {، والذي سبب اختلاف القراءات والتغيير في المصحف حسب زعمهم.
في هذا الجو بدأت تأليف الكتاب الذي استغرق أربع سنوات من البحث والكتابة، ومن المواضيع المهمة التي نوقشت فيه بالتفصيل ما يلي:
بيَّنت أن الكتابة انتشرت بسرعة حتى إنه كان للنبي {أكثر من ستين كاتباً، وأن الخط العربي أصيل، وكان يستعمل في الجزيرة منذ عدة قرون قبل الإسلام موضحاً بنماذج من كتابات عربية قبل الإسلام، ومن المُسلمات الحديثة التي خالفت فيها رأي علماء التاريخ من المسلمين والمستشرقين في أصل الخط العربي.
فأنا أقول بعكس من يقول: إن الخط العربي تطور من الخط النبطي، لأن الخط النبطي هو نفسه الخط العربي؛ إذ النبط كانوا يتكلمون اللغة العربية، وهم من أولاد إسماعيل عليه السلام الذين نزحوا إلى شمال الجزيرة، وتسمية خطهم الخط النبطي هو من عمل المستشرقين الذين كانوا ولا يزال بعضهم يسمى الإسلام Mohammedanism " المحمدية"، والمسلمين Mohammedan " المحمديين"!.
¥