فقال:" أَ وَ كُلّ ما تأكله تُحْدِثُه؟ ".
قال:"لا, لأن الله تعالى يجعل أكثره غذاء".
قال:" فما تُنكر أن يجعل [الله] جميع ما يأكل أهل الجنة غذاء".
[6] مناظرة يهودي وبعض المسلمين
قال القاضي عبد الجبارالأسأبادي:" وقد قيل لبعض مجادلي اليهود ونظارهم ممن قد قرأ الكتب, وأكثر الاختلاف إلى العلماء وكتب كتبهم, وادعى أنه يتقدم على علمائهم من أهل عصره:
أليس إنما يعرف الأخبار من تأخر عمن تقدم؟ فقال بلى , قالوا له: أليس اليهود الذين كانوا مع محمد صلى الله عليه وسلم وفي زمانه قد علموا أن موسى قد قال إن شريعته مؤبدة؟
فقال: بلى, فقيل له: فلم لم يقولوا لمحمد أنت قد زكيت موسى وصدقته ووثقته وهو قد قال ووصى بأن شريعته مؤبدة؟ وفي هذا كفاية في [بيان] كذبك وبطلان قولك, وهذا أمر ظاهر بين يستدركه رُعْنُ النساء فضلا عن عقلاء الرجال, فأين كانوا عنه؟ وقد خرجوا معه في عداوته إلى شدائد الأمور, من شتمه وهجوه والغدر به ومساعدة قريش في محاربته وبذل الأموال والمهج في مكارهه.
فقال: قد قالوا ذلك له وأقاموا الحجة به عليه.
فقيل له: فلم لم يعلمه خصومك كما علمته؟ فقال. مجته الأسماع.
فقيل له: ما تزيد على الدعاوى: فإنك ادعيت أن ذلك قد كان, فقيل لك من أين لك العلم به ولم لا علمه خصومك؟ فادعيت أن الأسماع مجته, فانتقلت من الدعوى إلى دعوى, وقرنت الدعوى بدعوى, ولا فرق بين دعواك هذه وبين دعوى من ادعى أن اليهود حين قالوا هذا له أحيا الله موسى وهارون و أظهر على أيديهما المعجزات فكاشفا محمدا وشافهاه وأقاما الحجة عليه بمشهد من اليهود ومن أصحابه, وأن ذلك قد كان وعُلم ولكن مجته الأسماع, فما أتى بشيء". نقلا عن تثبيث دلائل النبوة للقاضي عبد الجبار ص132 ..
[7] مناظرة أبي بكر الفهري الطرطوشي للتستري اليهودي ببيت المقدس:
قال القاضي أبو بكر ابن العربي في رحلته الصغرى: " وكنا نفاوض الكرامية, والمعتزلة, والمشبهة, واليهود. وكان لليهود بها (يعني بيت المقدس) حبر منهم يقال له التستري, لقنا فيهم, ( ... ) وقد حضرنا يوما مجلسا عظيما فيه الطوائف, وتكلم التستري الحبر اليهودي على دينه, فقال: اتفقنا على أن موسى نبي مؤيد بالمعجزات, معلم بالكلمات, فمن ادعى أن غيره نبي, فعليه الدليل. وأراد [اليهودي] من طريق الجدل أن يرد الدليل في جهتنا حتى يطرد له المرام, وتمتد أطناب الكلام.
فقال له الفهري: إن أردت به موسى الذي أيد بالمعجزات وعلم الكلمات, وبشر بمحمد, فقد اتفقنا عليه معكم, وآمنا به وصدقناه, وإن أردت به موسى آخر, فلا نعلم من هو؟
فاستحسن ذلك الحاضرون, وأطنبوا بالثناء عليه, وكانت نكتة جدلية عقلية قوية, فبهت الخصم, وانقضى الحكم".
[8] مناظرة أحمد بن عبد الصمد الخزرجي لأحد علماء اليهود
قال الخزرجي:" في المصحف الخامس من التوراة الذي بأيديكم إلى اليوم قال الله لموسى بن عمران:"إني أقيم ابني إسرائيل من إخوتهم نبيا مثلك, أجعل كلامي على فيه, فمن عصاه انتقمت منه".
فإن قلت: أن ذلك هو يوشع بن نون. قيل لك: قال الله في آخر التوراة, أنه لا يخلف من بني إسرائيل نبيا مثل موسى. فلا محالة أن الذي بشرت به التوراة لا يكون من بني إسرائيل, لكن من
إخوة بني إسرائيل, ولا محالة أنهم العرب و الروم, فأما الروم فلم يكن منهم نبي سوى أيوب, وكان قبل موسى بزمان, فلا يجوز أن يكون هو الذي بشرت به التوراة, فلم يبق إلا العرب, فهو إذن محمد صلى الله عليه وسلم. وقد قال الله في التوراة, حين ذكر إسماعيل جد العرب, أنه يضع فسطاطه في وسط بلاد إخوته. فكنى عن بني إسرائيل بإخوة إسماعيل, كما كنى عن العرب بإخوة بني إسرائيل في قوله:" سأقيم لبني إسرائيل من إخوتهم مثلك".
وقد ناظرني يوما أحد أحبار اليهود, وأهل الذكاء منهم في هذا فقال:" هذا كله صحيح لا أجد اعتراضا عليه, غير أنه قال: سأقيم لبني إسرائيل, ولم يكن محمد [نبيا] إلا للعرب".
فقلت له: ما على الأرض أحد يجهل أن محمدا صلى الله عليه وسلم قال:" بعثت إلى الأبيض والأسود, والعبد والحر, و الذكر و الأنثى". وهذا كتابه ينطق أنه مبعوث إلى الخلق كافة, فلو أمكنك أن تقول:"إنه ادعى أنه مبعوث إلى العرب خاصة, لكانت لك حجة".
¥