9 - بدأت المساومات تأخذ منحىً جديداً ...
عرضوا على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عبادة آلهتهم عاماً وأن يعبد رسول الله صلى الله عليه وسلم آلهتهم عاماً .. فرفض .. ونزلت سورة الكافرون مؤيدة له.
" قُلْ يا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ، وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ".
10 - طلبوا منه كشرط لإسلامهم أن يزيل ما في القرآن الكريم من ذم للأوثان.
قال تعالى في سورة يونس: " وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي? أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي? إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى? إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ".
11 - طلبوا كشرط لإسلامهم ألا يجلس معهم أي فقير من فقراء المسلمين .... إلخ
12 - كثرت طلباتهم التي طلبوها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليهادنهم ويقبل بما رأوه (حلاً وسطاً)
كان هدف ما صدر عنهم من طلبات: عرقلة للدعوة عن سيرها الطبيعي، وحرف لها عن الصراط، كمحاولة لتضييع الوقت وإشغال الرسول والمسلمين في معارك جانبية، دون مناقشة جوهر الدعوة (التوحيد).
فلو وافقهم لأي تنازل (مهما كان عادياً لا يؤثر تأثيراً ظاهرياً في جوهر الدين) لكان دليلاً على كونه طالب دنيا .. وسيسقط عندها في نظرهم.
ولكان دافعاً لهم أن يطلبوا المزيد.
13 - طلبوا معجزات مفصلة على هواهم، معجزات تحقق لهم أهدافاً دنيوية، تحقق لهم المزيد من الغنى والإخلاد إلى الأرض ..
ولما كان كل ما سيصدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من معجزات مادية مؤقتة (كما كان حال معجزات الأنبياء السابقين) سيكون الرد الطبيعي عليها أن ذلك سحر مستمر ..
خاصة وأن تهمة السحر إحدى التهم الموجهة إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أصلاً .. فعندها ستكون تلك المعجزات بمثابة إنقاذٍ لهم وطوق نجاة يتشبثون به للطعن فيه عليه الصلاة والسلام.
هنا تمثلت حكمة الله تعالى البالغة .. فقد جاءهم التحدي والإعجاز بما برعوا به وتفوقوا به على جميع الأمم.
من هنا بدأ التحدي بالقرآن المعجز ... المعجزة الدائمة .. غير المادية .. التي لن تزول إلى قيام الساعة ..
وهنا كان بداية الإشارة إلى حمل القرآن بين دفتيه دليل صدقه ...
قال تعالى في سورة الإسراء: " قُل لئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى? أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـ?ذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ".
طلبتم معجزة ... تفضلوا ها هي المعجزة ...
وبدأت نظرة المشركين إلى القرآن الكريم تأخذ بعداً جديداً ...
14 - وقفت قريش حائرة من هذا التحدي الذي صعقهم .. ماذا سيقولون .. كيف سيعارضون ..
هم أعلم العرب ـ بل أهل الأرض قاطبة ـ بما في القرآن الكريم من إعجاز بياني ..
هل سيغامرون بتأليف آيات تعارض آيات القرآن الكريم؟؟
إنهم بذلك سيُسقطون كل هيبة بقيت لهم عند العرب.
وسيكونون أضحوكة تلوكها ألسن العرب وأشعارهم، ومسرحاً للهجاء العربي اللاذع.
وعندها لن يبق لهم أي احترام وتقدير لمكانتهم الدينية والاجتماعية التي تفاخروا بها وسادوا من أجلها كل العرب.
ولفاتهم فخرهم الذي عبّر عنه النهشلي بقوله:
إن الأكارم من قريش كلها ### قاموا فراموا الأمر كلَّ مرامِ
15 - تعجَّبَ المشركون من فصاحة القرآن الكريم .. فصاحة ما عهدوها .. ولا يمكن أبداً معارضتها .. وكان عدد كبير من الناس يسلم بمجرد سماع آيات القرآن الكريم المعجز ..
فما كان منهم إلا أن تعاهدوا فيما بينهم ألا يسمعوا القرآن الكريم.
ولكن ..........
القرآن الكريم أثار انتباههم ... وحرك مشاعرهم ... وبدأ يزيل الحواجز عن فطرتهم المغلفة بطبقة سميكة من الران ...
جاء في سيرة ابن هشام 2/ 156:
¥