تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

([98])، وبحيث يمكن أن يصبح الإلحاد إيماناً، والإيمان إلحاداً، "" فالإلحاد هو التجديد، وهو المعنى الأصلي للإيمان "" ([99]).

وهذا يقتضي التخلص من المفاهيم السائدة عن الإسلام بأنه دين الحق، أو الحقيقة المطلقة، أو الدين القويم وأنه النسخة الأخيرة من الدين المقبول عند الله عز وجل ([100]).

كما أنه لم يعد يكفي لتعريف الإسلام أن نقول عنه: إنه ""الدين الذي أتى به محمد"" ([101]) صلى الله عليه وسلم، لأن الإسلام ليس إلا "" أحد التجليات التاريخية للظاهرة الدينية "" ([102]) و ""حقيقة الإسلام وهويته ليست شيئاً جاهزاً يُكتسب بصورة نهائية، وإنما هي مُركب يجري تشكيله وإعادة إنتاجه باستمرار، وهي تتنوع أو تتغير بتغير الظروف والشروط والمعطيات "" ([103]).

فـ "" لا يوجد إذن إسلام " ما هوي " قائم في ذاته بصرف النظر عن أنماط تحققه في الـ " هنا و " الآن "، لا يوجد إسلام جوهري حقيقي نموذجي، وإنما الإسلام هو ما طُبِّق في التاريخ "" ([104])، وهو ما يعني أنه "" لا يوجد إسلام في ذاته، وإنما لكل واحد تصوره المختلف للإسلام، وطريقته الخاصة في أدائه وممارسته "" ([105]) "" لا يوجد إسلام أصولي صحيح يمكن استعادته وتطبيقه التطبيق الأفضل "" ([106]). "" ولأن التطبيق خيانة فإنه لا وجود لإسلام حقيقي أصولي يمكن العودة إليه، فالإسلام الحقيقي لم يوجد ولم يطبق لا في هذا الزمان ولا في صدر الإسلام، لأن حقيقة الإسلام هي محصلة تواريخه"" ([107]).

ولأننا لا يمكننا اليوم أن نحدد ما هو الإسلام الصحيح ولا يوجد أي معيار لتحديد ذلك ([108]) فإن مفهوم الإسلام يجب أن يبقى منفتحاً مستعصياً على الإغلاق لكي يقبل الخضوع للتغير المستمر الذي يفرضه التاريخ، فالإسلام لا يكتمل أبداً، بل ينبغي إعادة تحديده وتعريفه داخل كل سياق اجتماعي ثقافي، وفي كل مرحلة تاريخية معينة ([109]).

وهذا هو معنى القراءة العلمانية للإسلام "" أن لا نسلم بالمسلم به "" ([110])، وأن نطرح مفهوماً موضوعياً للإسلام يتجاوز الأطروحات الأيديولوجية ([111])، ويخرج من الدائرة العقائدية المعيارية للإسلام الأرثوذكسي ([112]).

ولكن هذا لا يعني بنظر أركون - متفضلاً!! - أن نحذف كل إشارة إلى الإسلام ([113])، وإن كان حسن حنفي يبخل علينا بهذا الفضل!! فيرفض حتى كلمة إسلام ويستبدلها بكلمة التحرر، لأن هذا اللفظ الأخير ""يعبر عن مضمون الإسلام أكثر من اللفظ القديم "" ([114]).

خامساً – التورخة الهدمية الاجتثاثية:

كيف يتم الوصول إلى هذا التجديد العلماني بشكل جذري وثوري؟

النقد الإيديولوجي هو وسيلتنا للتخلص من فكر العصور الوسطى لكي "" نودع نهائياً المطلقات جميعاً، ونكف عن الاعتقاد أن النموذج الإنساني وراءنا لا أمامنا "" ([115]). من أجل ذلك لا بد أولاً من انزياح هذه الأنظمة الكبرى المتمثلة في الأديان من دائرة التقديس والغيب، باتجاه الركائز والدعامات التي لا زال العلم الحديث يواصل اكتشافها ([116]).

وانزياح المقدس يعني أن نخترق المحرمات وننتهك الممنوعات السائدة أمس واليوم ونتمرد على الرقابة الاجتماعية ([117]) ونخترق أسوار اللامفكر فيه وندخل إلى المناطق المحرمة ([118])، ونسعى إلى خلخلة الاعتقادات، وزحزحة القناعات، وزعزعة اليقينيات، والخروج من الأصول العقائدية ([119])، وإعادة النظر في جميع العقائد الدينية عن طريق إعادة القراءة لما قدمه الخطاب الديني عامة ([120])، ومراجعة كل المسلمات التراثية ([121])، وطرد التاريخ التقليدي من منظومتنا الثقافية لأنه بناء عتيق تهاوت منه جوانب كثيرة، فوجب كنس الأنقاض قبل الشروع في البناء ([122]).

وتكريس القطيعة مع الماضي - كما فعل الغربيون - هو الحل وليس الإصلاح "" لا أحد يتكلم أبداً عن التجديد بمعنى القطيعة والاستئناف، بل الجميع يدعو إلى الإصلاح والإحياء والعودة إلى حالة ماضية "" ([123]) في حين المطلوب هو "" اجتثاث الفكر السلفي من محيطنا الثقافي "" ([124]) لأنه كان وسيبقى سبب التخلف ([125]) لأنه قائم على ثقافة ماضوية، لفظية، عقيمة اجترارية، انتهازية، نفعية، محافظة، رجعية، تقليدية ... الخ ([126]). ولا يمكن أن تنهض الحياة العربية ويبدع الإنسان العربي إذا لم تنهدم البنية التقليدية للذهن العربي،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير