تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(ولو جعلنه قُرءاناً أعجميّاً لقالوا لولا فُصِّلت ءايته ءَأعجميٌّ وعربيٌّ قل هو للذين ءامنوا هُدىً وشِفاءٌ والذين لا يُؤمنون في ءاذانهم وَقرٌ وهو عليهم عمىً أُولئك يُنادون من مكان بعيد) [فصّلت:41/ 44]

ذهبت التفاسير - تقليداً - إلى أنّ كلمة (ءَأعجميٌّ) في هذه الآية الكريمة تعني قرآناً بلغة غير قوم العرب، وإلى أنّ كلمة (وعربيٌّ) تعني رسولاّ عربيّاً، أو قوماً عرباً .. وهذا المذهب من التفسير يتعارض مع القرآن الكريم في النقاط التالية:

1 - الكلمتان (ءَأعجميٌّ وعربيٌّ) كلمتان قرآنيّتان مُتتاليتان بينهما حرف عطف، وإعادة كلٍّ منهما إلى أمرٍ مختلفٍ عن الأمر الذي تُعاد إليه الكلمة الأخرى دون إيِّ دليلٍ، أمرٌ يتعارض مع انسجام روح النصّ القرآني .. فالأولى أن تُعاد الكلمتان إلى أمرٍ واحدٍ ..

2 - إذا كان المقصود - كما ذهبت التفاسير - بالعبارة القرآنيّة (ولو جعلنه قرءاناً أعجميّاً لقالوا لولا فُصّلت ءايته ءَأعجميٌّ وعربيٌّ) أنّه لو أُنزل القرآن الكريم بلغة قوميّة أُخرى، لقال العرب - مُحتجِّين - كيف يكون القرآن بلغة مخالفة للغتهم القوميّة وللغة الرسول صلى الله عليه وسلم، لو كان هذا المذهب من التفسير صحيحاً، لأدّى ذلك - سواء علم من يجزم بهذا التفسير أم لم يعلم - إلى أنَّ لغير العرب مبرِّرات الاحتجاج على كون لغة القرآن الكريم تتعارض مع لغاتهم القوميّة، وعلى كون لغة الرسول صلى الله عليه وسلم تتعارض أيضاً مع لغاتهم القوميّة .. وبالتالي فهذا المذهب من التفسير يتعارض تماماً مع حقيقة القرآن الكريم ككتاب للبشريّة جمعاء، ومع حقيقة بعث محمّد صلى الله عليه وسلم للبشريّة جمعاء، بعيداً عن القوميّات ولغاتها ..

3 - نهاية الآية الكريمة (قل هو للذين ءامنوا هُدىً وشفاءٌ والذين لا يُؤمنون في ءاذانهم وَقرٌ وهو عليهم عَمىً أُولئك يُنادون من مكان بعيد)، تُبيّن حقيقة تفاعل البشريّة جمعاء مع القرآن الكريم، وليس العرب وحدهم، فانقسام البشريّة إلى قسم يؤمن به وقسم لا يؤمن به، مسألة لا يمكن حصرها بقوم العرب ..

إنَّ الله تعالى يقول لنا من خلال هذه الصورة القرآنيّة، ولو جعلنا هذا القرآن بماهيّة ليست كاملة وليست تامّة وليست خالية من أيِّ عيب أو نقص، ولو جعلنا آياته ليست مفصَّلة وليست مبيّنة بتمام كامل من أيِّ عيب أو نقص، لكان القرآن الكريم حاوياً على العيب والنقص، ولرأوا فيه العيب والنقص، ولحسبوا أنَّ فيه من الكمال والتمام حسب ما يناسب أهواءهم من هذا العيب، وبالتالي لقالوا كيف يكون ذلك، أعيب ونقص، وكمال وتمام ..

وهكذا نرى كيف أنّ الكمال والتمام والخلو من العيب والنقص، وهذا ما يتّصف به القرآن الكريم، كتاباً وحُكماً ولساناً، هو نتيجة لكون مفرداته فطريّة مُوحاة من الله تعالى بعيداً عن أيّ اختيارٍ بشريٍّ، ونتيجة لربط هذه المفردات مع بعضها بعضاً في العبارة القرآنيّة، وفق حكمة مطلقة وعلمٍ مطلقٍ من الله تعالى ..


http://up3.w6w.net/upload/22-02-2006/w6w_20060222125040258ee138.gif

ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[10 Mar 2006, 04:17 م]ـ
أخي المكرم ..

أخشى أن ما ذكرته فيه من التكلف الكثير؛ فهو لا يستند إلى دراسة علمية تاريخية، وأحسب الإخوة عبد الله الشهري وأبو عبد المعز يفيدون أكثر فيها ..
وقضية قِدم اللغة العربية ورجوعها إلى بداية الزمن البشري .. تناولتها كثير من الدراسات، وبعض منها لا يكاد يخلو من:
- الهوى والتعصب للعربية؛ رداً على نزعات الشعوبية.
- الخطأ البشري من الدارسين وعدم معرفة العلمية بأصول اللهجات واللغات وتاريخها ومنهجية تطورها .. ، ولا يُنكَر أثر المكتشفات التاريخية الحديثة وفك رموز مختلف النقوش .. على تطور علم (الأنثروبولوجيا) التي لو اطلع سلفنا من العلماء عليها، لاختلفت كثير من اجتهاداتهم (حول هذا الموضوع طبعاً).

ولكن فلنتكلم في سنن الله الكونية، بخاصة في موضوع الرسل والرسالات ..
القاعدة في وضوح (إبانة) خطاب النبي مع قومهم، وسنة الله تعالى لخصها سيدنا موسى عليه السلام بكلمتين: " يَفْقَهُوا قَوْلِي ".

هذا بشكل عام يشمل الأنبياء من لدن آدم إلى محمد عليهم الصلاة والسلام،

أما بخصوص ما نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
فقول الله تبارك وتعالى: " إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " [الزخرف: 3].
يدل بكل وضوح أن القرآن الكريم " عربيٌّ يُفسَّر وفق قواعد اللغة، ولا يصرف عن ظاهره بالتخمين .. " [1]
فالقرآن يُفهم حسب أساليب العرب، ومعهودهم في الكلام.

وبه تفسَّر كلمة (مبين)
- في سورة النحل: " وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) ".
- والشعراء: " بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) ".
- وفصلت: " وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْءَانًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ آَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ .. (44) ".

الأمر يسير، ولا يحتمل كل هذا التكلف ..

تأمل ...
قال الفضل بن سهل " القرآن لا يبلغه عقلٌ، ولا يقصر عنه فهم ". [2]

بالنسبة لقيام الحجة بالقرآن الكريم على غير العرب، فهي بشتى وجوه الإعجاز القرآني العلمي والتاريخي والتشريعي .. ومن اليسير تعليمهم كثيراً من الإعجاز البياني.

أما تبليغ أحكام القرآن الكريم لغير العرب، فيفسره أن عدد العرب 200 مليون، في حين أن عدد المسلمين 1300 مليون.

===============
1) مجموعة أعمال عباس محمود العقاد 6/ 533.
2) البصائر والذخائر، أبو حيان التوحيدي 7/ 46 (143).
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير