تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[د. حسن خطاف]ــــــــ[14 Apr 2006, 03:03 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

كما تعلم يا أخي العزيز أن ترتيب الآيات توقيفي، وما دام كذلك فلابد من حكمة وهذا أمر لا اتصور أنه محل للنقاش، ولكن السؤال هل الإضافة إن صح التعبير هو لنقص في الأصل ام لزيادة معنى، فالذي أراه يا أخي أن إضافة الآية المدنية أو الآيات المدنية خلال السور المكية ليس لنقص في القصة، وإنما لإعطاء معنى جديد قد لايكون موجودا، والدليل على هذا أن العرب كانوا اهل بلاغة وفصاحة والقرآن جاء تحديا لهم من هذا الجانب، وبالتالي لا يستسيغ العربي نقصا في الحادثة التي جاء القرآن يتحدث عنها، ولو كانت إضافة آية لنقص في القصة لوجدت من كان معاديا للدعوة من اهل مكة مهرولا إلى النبي ليعترض على هذا القرآن، ومن هنا لم يذكر التاريخ حسن ما اعلم أن العرب اجتمعوا ليأتوا بمثل القرآن.

بناء على ما سبق فالجواب في تصوري والله أعلم أنْ لا إشكال في ما أشكل عليك وذلك لأمرين

الأول: كما تعلم أن هذه الآية مدينة فموقعها يأتي بعد الفراغ من المكي وبالتالي كأنها تتحدث عن خلاصة القصة كاملة، فكأن الله تعالى لخص سورة يوسف كاملة بهذه الآية " لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ" والتلخيص في العادة يأتي بعد الفراغ من الملخص، ولعل الذي يعززما قلناه أن كون هذه الآية مدينة تتناسب مع ما لقيه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أقربائهم، فكأن الآية جاءت لتقول لهم ما لقيتموه من أقربائكم هو عينه مالقيه يوسف عليه السلام من أخوته، فإذا كان إخوته قد تآمروا عليه، وهو نبي وهم إخوة له، فلا تستغربوا من صنيعهم، وفي ذلك شدة لأيديهم وتسلية لهم، وقد أشار الشيخ ابن عاشور رحمه إلى ان في سورة يوسف تسلية للنبي واصحابه مما عانوه من قومهم

الثاني: لا إشكال في تصوري من عودة الضمير الموجود في الآية الثامنة إلى الآية الخامسة فما تذكره الآية الثامنة مما دار بين الأخوة هو بداية الكشف عن خيوط الكيد المذكور في الآية الخامسة، اما قولك الالتفات " يستوجب ذكر المتحدث عنه " فالمتحدث عنه مذكور سواء أكان تصريحا كما في الآية الرابعة والخامسة او بعودة الضمير كما في الآية السادسة، وبالتالي فالتفات من التخاطب إلى الغيبة لا إشكال فيه فيما أرى والله تعالى أعلم.

ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[14 Apr 2006, 01:17 م]ـ

أخي الكريم: قبل الخوض في تفاصيل هذا الموضوع ومفرداته من المناسب ذكر الجانب التأصيلي منه فأقول:

من المعلوم أن سور القرآن تِنقْسِمُ إلى مكِّيَّةٍ ومدنيَّةٍ، وكَوْنُ السورةِ كُلِّها مكِّيَّةٍ أو مدنيَّةٍ إنّما هو الأغْلَبُ الأعَمُّ في سُوَرِ القرآن، ذلكَ أنّه قد وَرَدَتْ آياتٌ مدنيَّةٌ في سُوَرٍ مَكِّيَّةٍ والعكْسُ على وجه القِلَّةِ، وسبب ذلكَ ما تقرَّرَ بأنّ ترتيبَ الآياتِ تَوقِيفيٌّ بالإجماعِ، قال ابن حجرٍ رحمه الله:" قد اعتنى بعضُ الأئمّةِ ببيانِ ما نَزَلَ مِن الآياتِ بالمدينةِ في السُّوَرِ المكِّيَّةِ " ... إلى أنْ قال:" وأمّا عَكْسُ ذلكَ وهو نُزولُ شيءٍ مِن سُورَةٍ بِمَكَّةَ، تأخَّرَ نُزولُ تلكَ السُّورةِ إلى المدينةِ فلَمْ أَرَهُ إلاّ نادرًا ".

والاسْتِثْنَاءُ المذكورُ مَشْهُورٌ في كُتُبِ القُرَّاءِ ومُثْبَتٌ في المصاحِف، وثُبُوتُ وُقُوعِه دلَّتْ عليه الأدلَّةُ، لكنْ هل يُقْبَل كُلُّ ما يُذكر مِن الاستثناءِ؛ أمْ لا بُدَّ مِن النظرِ فيه؟

الصحيح أنه لا بد من النظر فيما قيل باستثنائه وأنّ الاستثناءَ لا يَصِحُّ إلاّ بدليلٍ لأنّه خِلافُ الأصْلِ. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عند تفسيره لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} (البقرة: من الآية21):" {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} النداءُ هُنَا وُجِّهَ لعمومُ الناسِ مع أنّ السُّورَةَ مَدنِيَّةٌ؛ والغالبُ في السُّوَرِ المدنيَّةِ أنّ النداءَ فيها يكونُ مُوَجَّهًا للمؤمنين. والله أعلم بما أرادَ في كِتَابِهِ؛ ولو قالَ قائلٌ: لعلَّ هذهِ آيةٌ مَكِّيَّةٌ جُعِلَتْ في السُّورَةِ المدنيَّةِ؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير