تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يخاطب الله في هذا النص البشرية جمعاء، فقوله "منكم" خطاب فيه استمرارية الزمن، مع شمولية المخاطب،بصرف النظر عن معتقده ‹ › ثم يقع بعد ذلك تنجية المتقين من "جهنم "ننجي" وإبقاء الظالمين فيها" ونذر" وهذا يشير إلى شيئين: أن الورود هنا على النار [واردها] وأن معنى الورود هو الدخول إلى النار، ولولا الدخول لما كان هناك معنى للتنجية والإبقاء، فالفعلان يدلان على المقابلة بينهما، فمعنى الفعل"نذر "هو نترك"، كما أن معنى الظرف الموجود في حرف الجر"فيها" يدل على ذلك.

وعند تتبع دلالة هذا الفعل "نذر" في القرآن الكريم، نجده بمعنى الترك، ومنه قوله تعالى:? وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا .. 234) [البقرة]،وقوله:? وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110) ?] الأنعام]، فليس في الفعل أي تحريك لهؤلاء، وهذا يدل على إبقائهم في النار، بينما معنى فعل"ننجي" ننقذ" أي نخلص"وهو فعل يوحي بوجود خطر يهدد المخاطب، ويكون الإنجاء بعملية حركة، إما بنقل المنجي من مكان إلى مكان، كدلالة هذا الفعل في الآية السابقة، وهو نقل المتقين من النار، ويدل على هذا النقل الفعل المقابل نذر، أو بإهلاك الطرف الآخر الذي يصدر منه الخطر، وبذلك يحصل الإنجاء كقوله تعالى:? وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَاب (49) ِ? [البقرة]،والتنجية كانت بإغراق فرعون وأشياعه كما قال في الآية التي تلتها:? وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمْ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ (50) [البقرة].

إذاً لايفهم من الآية السابقة انطلاقا من بنيتها اللغوية وسياقها، أي دلالة على وجود جسر منصوب على متن جهنم يسمى الصراط،ويدل على عدم وجود هذه الرابطة بين الآية وبين الصراط أن الأحاديث التي ذكرت الصراط لم تشر- فيما تبين لي- إلى هذه الآية، وإنما جاء الربط بينهما عند بعض العلماء من مفسرين وغيرهم لفهم هذه الآية على ضوء أحاديث الصراط‹ ›،فالآية تشير إلى حتمية وجوب ورود الجميع على النار، وأحاديث الصراط تشير إلى حتمية وجوب عبور الجميع من فوق النار على جسر يسمى الصراط، ومن هنا جاء الربط.

إذا نخلص في الختام إلى تقرير هذه النتيجة وهي أن الصراط في القرآن تعبير عن منهج فكري سلوكي محدد مغاير للمناهج الأخرى، وهذا المنهج هو الإسلام.

جعلنا الله ممن يتبع هذا المنهج حق اتباعه

والله أعلم

د. حسن الخطاف، جامعة دمشق

ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[01 May 2006, 11:13 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الدكتور حسن بارك الله فيك وجزاك خيراً على جهودك وأرجو أن تسمح لي بهذه الملاحظات:

موضوعكم هو الصراط في القرآن الكريم ... وكما هو واضح فإن القضية هي قضية تفسيرية ومن أهم مراحل التفسير هما مرحلتان أساسيتان هما: تفسير القرآن بالقرآن ثم تفسير القرآن بالسنة ولذلك لا أظن أنه لا يمكن الوصول إلى نتيجة في موضوع الصراط إلا إذا وضعنا التفسير النبوي لموضوع الصراط وفيه أحاديث كثيرة صحيحة فيها بيان للنص القرآني:

وقد بوب الإمام البخاري في صحيحه باب (الصراط جسر جهنم) ذكر فيه حديث أبي هريرة الطويل وفيه: «" ويُضرب جسر جهنم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فأكون أول من يُجيز، ودعاء الرسول يومئذ: اللهم سلم سلم، وبه كلاليب مثل شوك السعدان» (1) الحديث، وأنكره بعض المعتزلة. [ينظر: شرح الأصول الخمسة (737، 378)، والإرشاد للجويني ص 370، 380)].وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أن ناسا قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: " ويضرب الصراط بين ظهري جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيز، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سلِّم سلِّم، وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان " (1).

هل رأيتم السعدان؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: فإنها مثل شوك السعدان، غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله، تخطف الناس بأعمالهم».

- ولكن هل يتنافى ذلك مع ما قلتم " إذا نخلص في الختام إلى تقرير هذه النتيجة وهي أن الصراط في القرآن تعبير عن منهج فكري سلوكي محدد مغاير للمناهج الأخرى، وهذا المنهج هو الإسلام.

جعلنا الله ممن يتبع هذا المنهج حق اتباعه "

ليس هناك تنافي بين الأمرين فالصراط هو كما ذكرتم منهج فكري سلوكي وهو كذلك جسر على النار يمر الناس من فوقه وهذا هو معنى الورود وليس معناه حصراً كما ذكرتم " وإبقاء الظالمين فيها" ونذر" وهذا يشير إلى شيئين: أن الورود هنا على النار [واردها] وأن معنى الورود هو الدخول إلى النار، ولولا الدخول لما كان هناك معنى للتنجية والإبقاء، فالفعلان يدلان على المقابلة بينهما، فمعنى الفعل"نذر "هو نترك"، كما أن معنى الظرف الموجود في حرف الجر"فيها" يدل على ذلك." فالمرور من فوق النار أيضاً ورود والباري عز وجل ينجي عباده من السقوط والهوي فيها وهذا معنى قوله عز وجل: ثم ننجي ..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير