تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما قوله: (حتى يتبين لهم أنه الحق) فإن المقصود به الحق الذي يتبين بآيات الآفاق والأنفس وهو صدق القرآن، وصدق ما جاء به من عقائد وشرائع، فالآية السابقة لهذه الآية تدل على ذلك، وهي قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ) [فصلت: 52] فالذي من عند الله هو القرآن الكريم (12)، والحق الذي يظهر بآيات الآفاق والأنفس، حق بمعنى عام، وحق بمعنى خاص، "فالحق بالمعنى الخاص هو ما سيقت الآية لإثباته من اعتقاد أو حكم شرعي، فقوله تعالى -مثلاً-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ) [الروم: 20] يدل على صفة الخلق وهذا حق.أما الحق بالمعنى العام فهو دلالة مجموع آيات الآفاق والأنفس على أن القرآن حق من عند الله ". ومن معاني صيغة الاستقبال في قوله: (سنريهم) الإشارة إلى أن الله تعالى سيري آياته لكل جيل حتى ينقضي أجله، فيري آياته للجيل الذي يأتي بعده (13).

ثانياً - الأحاديث النبوية:

1 - ما أخرجه الترمذي بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {أَلَا إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ فَقُلْتُ (علي بن أبي طالب رضي الله عنه) مَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا كَانَ قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ وَلَا يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ … .. } (14) حيث استدلوا بعموم الحديث.إذ وجدوا فيه إشارة إلى شمولية القرآن الكريم، وفي هذه الشمولية يدخل الإخبار عن العلوم الحديثة.

2 - وكذلك عموم (15) قوله صلى الله عليه وسلم: {إن الله لو أغفل شيئاً لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة} (16).

3 - جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه قال: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحُمُرِ ـ الأهلية ـ فَقَالَ: {لَمْ يُنْزَلْ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة: 7 - 8]} (17) فهذا نص يدل على أن كل ما دخل تحت عموم نص قرآني، يعتبر قد نص عليه القرآن، فصدقة الحمر الأهلية لم تذكرها الآية وإنما دلت عليها عن طريق الشمول والعموم (18).

4 - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (19) استدل ابن عاشور بهذا الحديث على حجية تعلق ما جاء به القرآن من الإشارات العلمية بالإعجاز، وعلى دوامه وعمومه، وذلك بإشارة الحديث إلى مسألتين:

الأولى: أن قوله: (ما مثله آمن عليه البشر) يدل على أن كل نبي جاء بمعجزة في أمر خاص، آمن على شرطها قومه.

الثانية:قوله: (وإنما كان الذي أوتيت وحياً) دل على أنه ليست معجزته كمعجزات الرسل السابقين من قبيل الأفعال كقلب العصا، وانفجار الماء ….، وإنما معجزته هي القرآن بما فيه من ألفاظ ومعانٍ يعجز البشر عن الإتيان بمثلها، وعلى هذا يؤمن به البشر الذين يبتغون إدراك ذلك.ويدل على ذلك تعقيبه بقوله: (فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً) عطف بالفاء التي تدل على الترتيب، فالصلة بين كونه أوتي وحياً، وبين كونه يرجو أن يكون أكثرهم تابعاً، لا تظهر إلا إذا كانت المعجزة لجميع الأزمان حتى يكون الذين يدخلون الدين لأجلها كثيرون (20).

ثالثاً - الآثار:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير