تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفي الاصطلاح: التعبير عن الكلام بلغة أخرى

وترجمة القرآن: التعبير عن معناه بلغة أخرى

والترجمة نوعان:

أحدهما: ترجمة حرفية، وذلك بأن يوضع ترجمة كل كلمة بإزائها

الثاني: ترجمة معنوية، أو تفسيريَّة، وذلك بأن يعبر عن معنى الكلام بلغة أخرى من غير مراعاة المفردات والترتيب.

مثال ذلك: قوله تعالى: {) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف:3)

فالترجمة الحرفية: أن يترجم كلمات هذه الآية كلمة كلمة فيترجم (إنا) ثم (جعلناه) ثم (قرآناً) ثم (عربياً) وهكذا.

والترجمة المعنوية: أن يترجم معنى الآية كلها بقطع النظر عن معنى كل كلمة وترتيبها، وهي قريبة من معنى التفسير الإِجمالي.

حكم ترجمة القرآن:

الترجمة الحرفية بالنسبة للقرآن الكريم مستحيلة عند كثير من أهل العلم، وذلك لأنه يشترط في هذا النوع من الترجمة شروط لا يمكن تحققها معها وهي:

أ -وجود مفردات في اللغة المترجم إليها بإزاء حروف اللغة المترجم منها

ب -وجود أدوات للمعاني في اللغة المترجم إليها مساويةٍ أو مشابهة للأدوات في اللغة المترجم منها

جـ -تماثل اللغتين المترجم منها وإليها في ترتيب الكلمات حين تركيبها في الجمل والصفات والإِضافات وقال بعض العلماء: إن الترجمة الحرفية يمكن تحققها في بعض آية، أو نحوها، ولكنها وإن أمكن تحققها في نحو ذلك - محرمة لأنها لا يمكن أن تؤدي المعنى بكماله، ولا أن تؤثر في النفوس تأثير القرآن العربي المبين، ولا ضرورة تدعو إليها؛ للاستغناء عنها بالترجمة المعنوية

وعلى هذا فالترجمة الحرفية إن أمكنت حسًّا في بعض الكلمات فهي ممنوعة شرعاً، اللهم إلا أن يترجم كلمة خاصة بلغة من يخاطبه ليفهمها، من غير أن يترجم التركيب كله فلا بأس.

وأما الترجمة المعنوية للقرآن فهي جائزة في الأصل لأنه لا محذور فيها، وقد تجب حين تكون وسيلة إلى إبلاغ القرآن والإِسلام لغير الناطقين باللغة العربية؛ لأن إبلاغ ذلك واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

لكن يشترط لجواز ذلك شروط:

الأول: أن لا تجعل بديلاً عن القرآن بحيث يستغنى بها عنه، وعلى هذا فلا بد أن يكتب القرآن باللغة العربية وإلى جانبه هذه الترجمة؛ لتكون كالتفسير له.

الثاني: أن يكون المُتَرْجِمُ عالماً بمدلولات الألفاظ في اللغتين المترْجَم منها وإليها، وما تقتضيه حسب السياق.

الثالث: أن يكون عالماً بمعاني الألفاظ الشرعية في القرآن

ولا تُقْبَلُ الترجمة للقرآن الكريم إلا من مأمون عليها، بحيث يكون مسلماً مستقيماً في دينه.

ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[28 Sep 2006, 12:01 م]ـ

بحث رائع، فنحن نفتقد مثل هذه البحوث الموازنة من أناس لهم بصر باللغات، ولعل الموضوع يأخذ حظه من التفاعل، ففي موضوع الترجمة إشكالات لا تخفى على ذي بصر.

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[30 Sep 2006, 01:07 ص]ـ

عذرا لم أقرأ البحث بعد ......... لكن لدي ملاحظات نظرية عامة.

1 - يستحيل ترجمة أي نص بسبب طبيعة اللغات الإنسانية نفسها، ذلك لأن كل كلمة تحتمل نوعين من المعاني:

-معاني معجمية ذاتية راجعة إلى الوضع.

-معاني إيحائية راجعة إلى الحقل الثقافي والحضاري.

فعلى فرض إمكان الحفاظ على النوع الأول في الترجمة فمن المستحيل قطعا تحميل المعاني الثانية لآن لكل كلمة ذاكرة خاصة .....

مثال ذلك:

Foret الفرنسية يمكن ترجمتها (غابة)

فهل الترجمة صحيحة؟

لا، لأن الكلمة الفرنسية لا تثير في ذهن الفرنسي الإحالة على فضاء مشجر فقط بل تثير في نفسه انطباعات البهجة حيث تذكره بالنزهة وعطلة يوم الأحد ورحلات القنص .....

أما الكلمة العربية فلها إيحاءات مقابلة تماما فهي تثير الخوف وتذكر بقصص الغول والجن والمادة اللغوية (غ. ي.ب) توشي بالغياب أي الفقدان والضياع ....

فلو قلنا إن غابة هي نقيض Foret لما أبعدنا النجعة والحال أنهما عند المترجمين مترادفتان. فتأمل.

مثال آخر:

كلمة غيث- أو مطر نسبيا- لا يمكن ترجمتها ب pluie

صحيح كلتا الكلمتين تدلان على الماء النازل من السماء في اللغتين .... لكن شتان في الاستقبال النفسي:

فالعربي يبتهج ويفرح لسماع الكلمة. (نتذكر تكرار السياب الحنيني للكلمة في قصيدته أنشودة المطر)

أما الفرنسي فالكلمة معادلة عنده للملل والقرف والشعور بالضيق ... (المطر معادل للحرب عند جاك بريفير)

2 - اعتمادا على ما سبق يمكن ترجمة النصوص العلمية بسبب اقتصارها على الدلالات الوضعية (أو الدرجة صفر في الدلالة) .... ويستحيل ترجمة النصوص الشعرية بسبب هيمنة الدلالات الإيحائية فيها .... وتزداد الاستحالة في ترجمة الآية القرآنية.

3 - عدد لا بأس به من علماء اللغة العرب والعجم ينكرون فكرة الترادف في اللغة الواحدة ...... وعليه لا يمكن تحويل النص داخل لغته فكيف يترجم إلى لغة أخرى!!!

4 - المترجم للقرآن هو في الواقع يترجم ما فهمه من القرآن وشتان بين الأمرين ..... والعملية تسير من انحطاط إلى آخر:

أولا= لا يستطيع المرء قطعا أن يحيط بكل دلالات الآية.

ثانيا=بعض ما يفهم من الآية ظني في الغالب و يجوز عليه الخطأ واتباع الهوى.

ثالثا=هذا البعض القليل سيضيع بعضه في عملية الترميز حين يترجم إلى لغة أخرى.

رابعا=مستقبل الترجمة قد لا يفهم بدقة مراد الرامز.

الحصيلة الابتعاد عن القرآن بأميال وأميال .......... فلا ترجمة ممكنة.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير