تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كما تم إنشاء محاكم التفتيش لتواكب أعمالها ولتواصل ما أُطلق عليه عصر الظلمات الذى امتد حوالى ألف عام، بمنع الأتباع من قراءة إنجيلهم ومنع التعليم إلا على رجال الدين .. و المعروف ان الحروب الصليبية لم توجه ضد المسلمين وحدهم فى الأراضى المقدسة، وإنما إمتدت إلى إسبانيا لتعاون فى اقتلاع الإسلام، كما امتدت الى أوروبا وجنوب شرق فرنسا لاقتلاع شعوب الكاتار والبوجوميل والفودوَا لأنهم حتى ذلك الوقت كانوا رافضين لبدعة تأليه السيد المسيح .. وما تذكره المراجع التاريخية والعلمية عن عمليات التعذيب التى تفننت فيها محاكم التفتيش من حرقها الناس أحياء أو خزء عيونهم أو إنتزاع لسانهم وهم أحياء أو دهن أرجلهم بالزيت ووضعها فوق النار بعد ربطهم حتى لا يتحركون من أماكنهم ليصيب القارىء بالغثيان .. وما كتبه القس بارتولوميه دى لاس كازاس عن وحشية أعمال المبشرين ورجال الكنيسة وجنودها عند غزوهم شعوب امريكا الجنوبية يفوق الخيال فى بشاعته .. ولم يُسمح بنشر مذكراته الا فى اواخر القرن العشرين. ولا يسع المجال هنا للتحدث عن الحروب الدينية بين المسيحيين كحرب الخمسين عاما، والمائة عاما، والمجازر المميزة كمجزرة البروتستانت المعروفة باسم سانت بارتليمى .. ولا عن سرد كيفية تم فرض المسيحية بالسيف على أوروبا وضواحيها أو على باقى بعض شعوب العالم.

وإذا ما تم حصر أعداد كل الذين تم قتلهم بأمر من الكنيسة الكاتوليكية الرومية الرسولية لوصل إلى مئات الملايين من الأبرياء، وهو ما تذخر به المراجع .. فمثل هذه الأعمال تندرج تحت أى منطق فى نظر سيادتكم، أم لعلكم تباركونها لبراءتها و تسامحها المسيحى!

سيادة الأستاذ والباحث المبجل، إن كل ما تقدم وأكثر منه بكثير هو ثابت علميا وتاريخيا ووثائقيا، بل أكثر منه جد كثير ولا يسع المجال هنا لذكره .. إنها مجرد شذرات.

تقولون فى الفقرة الثالثة من محاضرتكم أن الله لا يحب الدم، ومع ذلك تصرّون على استمرار العقيدة التى تفرض على الأتباع شرب دمه وأكل لحمه عند تناول الإفخارستيا. ومن لا يؤمن بذلك إيمانا قاطعا بأنه يشرب دمه فعلا ويأكل لحمه فعلا يكون كافرا وملعونا .. ومن الواضح ان هناك العديد من الأتباع الذين ينفرون من مجرد هذه الفكرة، وتفاوتت حدة الصراعات الرافضة للإفخارستيا بالمعنى الكنسى، وكان من أشهر هؤلاء جان فيكليف الذى ادانه مجمع كونستانس 1418 لأنه نادى بأن الخبز والنبيذ لا يتبدلان فى القربان ولا يتحولان، وان المسيح لا يتواجد فعلا بلحمه ودمه فى القربان. فأدان المجمع كل مؤلفاته واتهمه بالهرطقة، وبعد موته أمر المجمع بنبش قبره لإلقاء عظامه بعيدا عن المدافن الكنسية (المجمع المسكونية، ج2 صفحة 859). ثم قام مجمع لاتران بادخال هذا الطقس الدموى ضمن عقيدة الإيمان!

وكانت آخر محاولة مبذولة لدراسة كيفية فرض فكرة أكل لحم المسيح و شرب دمه فعليا و حقيقيا، ذلك العام الذى كرسه البابا يوحنا بولس الثانى فى أكتوبر 2004 والذى انتهى بانعقاد السينودس الذى أقيم من 2 إلى 23 أكتوبر 2005، وحضره 256 أسقفا من 118 بلدا حول موضوع: " الإفخارستيا فى الحياة و الرسالة الحالية للكنيسة "، وقد قمتم بترأسه لوفاة البابا السابق. و تم أختيار هذا التاريخ، 23 أكتوبر لإنهاء أعمال المؤتمر، ليتفق مع " اليوم العالمى للتبشير " ... وهو ما يكشف عن أن عقيدة الإفخارستيا تقف عقبة فى عمليات التبشير التى تخوضونها وتجاهدون لتدارس كيفية فرضها!

ومن الواضح أن الإصرار على فرض هذه العقيدة بمثل هذا التشبث، هى عملية تبرير لإستمرار ضرورة وجود طبقة القساوسة التى هى وحدها تمتلك سر تحويل الخبز و النبيذ " بقدرتهم السرّية " إلى لحم ودم المسيح الذى يتعيّن على الأتباع أكله شربه و إلا لا يحصلون على الخلاص! .. ولا نملك إلا أن نتعجّب لما تعتبرونه معقولا ومنطقيا و يتفهمه العقل والمنطق .. ولعل ذلك هو ما دفع الكاتب الفرنسى إميل زولا أن يقول فى إحدى رواياته: "إن الحضارة الإنسانية لن تتقدم إلا أذا سقط آخر حجر من آخر كنيسة على رأس آخر قسيس "!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير