ويستطرد خالد الجندي: هناك أوجه كثيرة جدا تؤيد قضية حفظ القرآن والعناية به من التحريف وهي المعجزات العلمية المذكورة فيه واعجازه البلاغي وسمو تشريعه والشواهد التاريخية والحقائق العلمية والكونية واعجاز اعداده وتناسق آياته وسوره واعجازه الاجتماعي والأثري والتاريخي والنفسي.
الأحرف السبعة هي لهجات العرب
وقال: هناك جهل شديد عند بعض الناس بمعنى الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، فالحرف في أصل اللغة معناه الطرف والجانب، وهي سبعة أوجه فصيحة من اللغات أنزل عليها القرآن، والذي يعرفه الناس أن القرآن نزل بسبع لهجات ولم ينزل بلهجة واحدة، وهي اللهجات التي كانت في البطون والقبائل بالجزيرة العربية وذلك ثابت في السنة، ويمكن ان نقول إنها سبع لغات من لسان العرب.
ويضيف الجندي: هناك فارق بين الأحرف السبعة والقراءات السبع. الأحرف السبعة تظهر في وجه الخلاف في قراءات القرآن، وهذه الأوجه الخلافية كانت في سبعة أمور، الأول: اختلاف أوزان الأسماء مثل قوله تعالى "والذين هم لأماناتهم". فطبقا لاختلاف أوزان الأسماء والتسمية والجمع والتذكير والمبالغة تقرأ أيضا "لأمانتهم". الثاني: اختلاف تصريف الأفعال نحو الماضي والمستقبل والأمر والاسناد، والثالث: وجوه الاعراب مثل "ذو العرش المجيد" فتقرأ "ذو العرش المجيد" بضم الشين والدال في العرش والمجيد، وتقرأ أيضا بكسر الشين والدال. والرابع: الزيادة والنقص "وماخلق الذكر والأنثى" فالأنثى تقرأ هنا أيضا بتحويل الثاء إلى تاء. والخامس: التقديم والتأخير "وجاءت سكرة الموت بالحق" تقرأ "وجاءت سكرة الحق بالموت". السادس: القلب والابدال: "وانظر إلى العظام كيف ننشزها" وقد قرأت "كيف ننشئها". السابع: اختلاف اللغة ذاتها مثل الترقيق والفتح والتفخيم، وهذا كله وارد في لسان العرب، ولا يقدح أبدا في قضية حفظ القرآن من التحريف.
وأشار خالد الجندي إلى أن هناك مذهبين للعلماء بخصوص الأحرف السبعة، الأول يعتمد على استقراء أوجه الخلاف في لغات العرب نفسها، والمذهب الثاني يقول إن المراد بهذه الأحرف سبعا من لغات العرب الفصيحة، وهذا يعني أن الله انزل القرآن على سبع لغات مراعيا ما بينها من فوارق لم يألفها بعض العرب.
القراءات السبع متواترة عن الرسول
ويشير إلى أن القراءات السبع عرفت بالتواتر، أي النقل بالاسناد المتواتر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الظاهرة التسجيلية للنصوص لم تتوفر لأمة أخرى. ويقول الجندي موضحا ذلك: القراءة المقبولة هي التي اتفق عليها كل علماء القراءات، وشروطها أن تكون متوافقة مع اللغة العربية ولو بوجه من الوجوه، ومع رسم المصحف الذي كتب في عهد أبو بكر ونسخ في عهد عثمان ولو على سبيل الاحتمال.
ورد خالد الجندي على القول بان هناك ما سقط من القرآن في مصحف عثمان متسائلا: ليأتوا بهذا الذي يدعون سقوطه ثم نزنه بموازين القرآن، فان انطبقت عليه تلك الموازين قبلناه، وبالتالي لا يجب أن يجهد أحد نفسه في نفي شبهة مدع، إنما على الأخير أن يثبت شبهته حتى نقبل ما يقول به.
وأفاض الحديث حول القول بسقوط آيات استدلالا بروايات منسوبة لبعض الصحابة، موضحا أن هؤلاء لا يفهمون اطلاقات كلمة "آية"، فهي تقال عن السنة الكونية وعن الآية القرآنية وعن الحديث النبوي أيضا. وكان الصحابة يطلقون كلمة "آية" قاصدين بها ما قاله النبي لأنهم يعتقدون اعتقادا جازما ونحن كذلك أنه لا ينطق عن الهوى.
وأضاف الجندي: البعض يحاول عن طريق الاستدلال بتلك الروايات اثبات أن هناك كلمات ساقطة، فمثلا في قوله تعالى "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته اطعام عشرة مساكين من أوساط ما تطعمون أهليكم او كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام" وهذه هي الآية "89" من سورة المائدة. يقول البعض أنه في مصحف ابن مسعود هناك زيادة بكلمة "متتابعات" .. أي أن الآية تستكمل كالتالي " فصيام ثلاثة أيام متتابعات" وادعى هؤلاء أنه في مصحف أبي بن كعب، جاءت كلمة متتابعات هكذا "فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر متتابعات".
¥