ويعقب: هذا مخالف لما ثبت نقله بالتواتر، فكلمة "متتابعات" جاءت في مصحف ابن مسعود، لكنها غير متواترة، وهناك فرق بين المنقول بالشهرة والمنقول بالتواتر، وبالتالي فان ما نقل عن ابي بن كعب هو عن خبر أحاد، ونحن لا نقبل في القرآن أي خبر غير متواتر.
ووجود كلمة "متتابعات" في مصحف ابن مسعود كان من قبيل الايضاح، لأن الصحابة كانوا يكتبون تفسير بعض الكلمات من فم الرسول صلى الله عليه وسلم بجانب الكلمة القرآنية نفسها.
ويشير إلى عدم صحة الروايات المنسوبة لهذين الصحابيين. فمثلا يقال إن أبي ابن كعب أسقط من المصحف دعاء كان يتلى (دعاء القنوت في ما سمي بسورتي الخلع والحفد) وهذا غير صحيح ولم يثبت أن هذا موجود في مصحف أبي بن كعب. وحتى لو افترضنا وجوده فهذا لا يعني أنه قرآن، لأن أي صحابي كان عنده مصحف كان يكتب بجانب الآيات بعض الكلمات والتفسيرات التي ليست من النص القرآني وذلك للايضاح، اضافة إلى ان كلام القنوت المروي عن أبي بن كعب يفتقد الحجة على أنه قرآن منزل، بل هو ضرب من ضروب الدعاء، لأنه لو كان قرآنا لنقل إلينا نقل القرآن.
ويواصل الجندي: يمكن القول أيضا باحتمال كون دعاء القنوت كلاما منزلا ثم نسخ تلاوة ونصا، فما المانع أن يكون من باب المنسوخ، وحكمة هذا الشئ هو التدرج في التشريع وفي الرأفة والرحمة من الله ونقل العباد من حالة إلى حالة أخرى، فمن حق الله أن يغير ويبدل ما أنزل وليس ملزما بأن يظل أول تشريع له ساريا على الخلق، وهنا تتجلى حكمة الناسخ والمنسوخ الذي تم في حياة الرسول بوحي من الله.
مصحف عثمان وآية الرجم
ويؤكد خالد الجندي أن مصحف عثمان الذين بين أيدينا الآن هو المصحف الكامل بغير تحريف أو نقص أو زيادة أو تغيير، وليس فيه كلمة ولا رمز مختلف عن الحالة الأولى التي جمع فيها القرآن ولو كان هذا ممكنا لبطل اعجاز القرآن الكريم، وبطلت المزية التي يتميز بها.
وقال: آية الرجم لم تنزل في القرآن الكريم، والرسول صلى الله عليه وسلم. مفرقا بين "ذكر مبين" بفتح الباء نزل على الرسول والمعني به القرآن الكريم، و"ذكرمبين" بكسرها والمعني به "السنة"، فلماذا لا تكون هذه الآية من الذكر المبين "بالكسر" وهذا الأخير لم ينتبه إليه أحد ونريد أن نؤلف فيه كتابا، والصحابة كانوا يعلمون هذا وبالتالي لم يتحرجوا أن يطلقوا كلمة "آية" على الحديث النبوي.
وأضاف الجندي: البسملة وردت مرتين في القرآن، الأولى في سورة الفاتحة، والثانية في سورة النمل "انه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم" لكنها ليست من القرآن عندما تقرأ قبل كل سورة، فلم يقل أحد بذلك، وعدم قراءتها قبل سورة التوبة سنة عن الرسول، لأننا نقرأ القرآن بالتواتر، فالصحابة قلدوا الرسول في ذلك، ثم التابعون فالأئمة القراء.
ما اعتمد عليه جمع القرآن
وأوضح ان العبرة عند الصحابة كانت بالمحفوظ لا بالمكتوب، والقرآن الكريم حفظ صدرا قبل أن يحفظ سطرا، وقد حفظ في صدر الرسول وهو لا يقرأ ولا يكتب، وهذه اشارة إلى أن المعتمد في جمع القرآن هو ما في الصدر وليس ما في السطر. وكان الشرط ان يأتي الصحابي الحافظ الذي يريد أن يثبت آية من القرآن باثنين من الصحابة يشهدان على صحة ما قاله.
جبريل راجع القرآن المكتوب 24 مرة
وقد كتب القرآن في عهد الرسول، وظلت تلك المكتوبات موجودة بدون تحريف إلى أن تم جمعه في عهد أبي بكر ولكن تلك المكتوبات لم تكن حجة على ما في الصدر. وقال الجندي إن جبريل عندما كان ينزل على الرسول راجع القرآن مكتوبا أربعا، وكان يطلب منه أن يرسل إلى ابن مسعود – أحد كتاب الوحي - بأن يضع آية معينة في سورة معينة وهكذا، وقد أعيد جمع هذه المكتوبات في عهد أبي بكر على نفس الحالة التي كانت في عهد الرسول ثم كتبت في مصحف عثمان.
ويفرق خالد الجندي بين كتابة وجمع القرآن. فالكتابة حصلت في عهد الرسول، وجمع محفوظا ومكتوبا في سور في عهد أبي بكر، حيث كان يطلب شاهدين من حفظة القرآن على كل كلمة مكتوبة، ليشهدا أنهما سمعاها من فم الرسول.
أراء د. الجابري
وكان د. محمد عابد الجابري قد قال في مقال والذي نشرته "العربية. نت" نقلا عن صحيفة " الاتحاد" الاماراتية إن موضوع الزيادة والنقصان في القرآن موضوع قديم كثر فيه القيل والقال، متناولا التأويل والنقص والزيادة في الحروف أو الحركات كاختلاف القراءات، والزيادة والنقص في الآية والسورة، والاختلاف حول البسملة، هل هي من القرآن أم لا.
وأضاف الجابري: هذه الأنواع من التحريف واقعة في القرآن ومعترف بها بصورة أو أخرى من طرف علماء الإسلام تحت العناوين التالية: التأويل، الأحرف السبع، القراءات، مسألة البسملة ... الخ.
وأشار إلى أن جميع علماء الاسلام من مفسرين ورواة حديث وغيرهم يعترفون بأن ثمة آيات وربما سورا قد "سقطت" أو "رفعت" ولم تدرج في نص المصحف. مواصلا بأن " ما يهمنا هنا هو ما يتصل بمسألة "جمع القرآن"، أعني ما يدخل في نطاق السؤال التالي: هل "المصحف الإمام" -الذي جمع زمن عثمان والذي بين أيدينا الآن- يضم جميع ما نزل من آيات وسور، أم أنه رفعت (أو سقطت) منه أشياء أثناء جمعه؟
http://www.alarabiya.net/Articles/2006/09/28/27851.htm
¥