تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لذا يتأكد تظافر الجهود بين أهل العلم في مختلف التخصصات، وإيجاد تعبئة عامة: أكاديمية وإعلامية وثقافية ودبلوماسية وسياسية، ولا جدوى من مؤتمرات الحوار التي ينظمها الموظفون ولا تخطط لأي عمل جاد مؤثر ([3]).

لا شك أن هناك جهوداً خيرة مباركة بذلت في مجال ترجمة القرآن الكريم أواخر هذا القرن، نخص منها بالذكر:

1. الجهد الكبير الذي بذله الدكتور عبدالله نصيف، والدعم الذي قدمه للجنة الترجمة التي استمرت تعمل خمس عشرة سنة في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وقت أن كان مديراً للجامعة، ثم أميناً عاماً لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة. إذ استمرت هذه اللجنة في عملها تحت إشرافه واستعرضت عشرين ترجمة، وخلصت إلى أن خير الترجمات:

- ترجمة محمد مارماديوك بكثال، وهو مسلم عاش في الهند، وترجمته خير الترجمات لحرصه على مدلولات الألفاظ وتمكنه من لغته الإنجليزية.

- ترجمة: آربري، وهو عالم فذ بالعربية وبلسانه الأصلي الإنجليزية، وترجمته رائعة من حيث أسلوبها الممتاز ([4]).

2. من الجهود الخيرة أيضاً الندوة الدولية الأولى التي انعقدت بعمان سنة 1998م والتي صدرت أعمالها في كتاب ضخم (510 صفحات من الحجم الكبير) وأبحاث الكتاب قاربت الثلاثين، وشملت الترجمات أهم اللغات: الإنجليزية والفرنسية والألمانية والبرتغالية والتركية والبوسنوية والألبانية والفارسية والبلغارية والأردية والروسية.

ولقد أثلج صدورنا الخبر السار الذي نشرته مجلة "الرابطة" في أحد أعدادها ([5]) وهو: أن مجمع الملك فهد بن عبدالعزيز لطباعة القرآن الشريف قد تبنى مشروعاً لترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة العبرية، فجزى الله المشرفين على المجمع خير الجزاء، وفي مقدمتهم الأمين العام للمجمع ورئيس اللجنة التحضيرية لندوة "ترجمة معاني القرآن الكريم: تقويم للماضي وتخطيط للمستقبل" سعادة الدكتور محمد سالم بن شديد العوفي.

التمهيد

من خلال استقراء جهود الاستشراق في الدراسات القرآنية وتتبعها نجد أن الكثير منها يدور حول ترجمة القرآن الكريم إلى مختلف اللغات العالمية والألسن الحية ترجمة حرفية أو تفسيرية أو لغوية جزئية وكلية.

وطبيعة هذا الموضوع تفرض علينا أن نمهد له بكلام موجز نبين فيه حقيقة الترجمة، وإمكانها في القرآن الكريم، ومدى صعوبتها.

حقيقة الترجمة:

لغة ([6]): استعملت الكلمة في اللغة للدلالة على معان: يقال: ترجم الكلام: إذا بيَّنه وأوضحه، ويقال: ترجم كلامه إذا فسره بلسان غيره، وترجم كلام غيره وعنه: نقله من لغة إلى أخرى ومنه التّرجمان، ويقال: تَرجُمان ولك أن تضم التاء لضمة الجيم فتقول: تُرْجُمَان والجمع: تراجم، قال الفيومي في: "المصباح المنير": "وفيه لغات أجودها فتح التاء وضم الجيم، والثانية ضمهما معاً بجعل التاء تابعة للجيم، والثالثة فتحهما بجعل الجيم تابعة للتاء" ([7]).

إصطلاحاً: يقول الدكتور صفاء خلوصي: "الترجمة: فن جميل يعنى بنقل ألفاظ ومعان وأساليب من لغة إلى أخرى، بحيث إن المتكلم باللغة المنقول إليها يتبين النصوص بوضوح، ويشعر بها بقوة كما يتبينها ويشعر بها المتكلم باللغة الأصلية ([8]).

هل يمكن ترجمة القرآن الكريم؟

لقد شغلت الإجابة عن هذا السؤال العلماء في القديم والحديث، وتباينت فيها آراؤهم، ووقعت بسببها معركة حامية بينهم، كثر فيها ردُّ بعضهم على بعض، واحتدم النقاش بينهم في عشرينات وخمسينات هذا القرن، فكان منهم من يرى الجواز، ومنهم من عارض ومنع، وألفت في ذلك رسائل خاصة.

والمختار من القولين - والله أعلم – هو: ما ذهب إليه من أجاز – وعليه جرى العمل ([9]) – يقول العلامة الحجوي المغربي – رحمه الله تعالى - في كتابه القيم "حكم ترجمة القرآن الكريم": "زُعم أن الإسلام ألزم الناس العربية وتعلمها، ونَبَذَ ألسنتهم ومنعهم من ترجمة القرآن العظيم، وهذه الشنعة تكفل بردها والتشنيع بها كتابي (جواز ترجمة القرآن) فقد برهن فيه على أن الدين لا يلزم الأمم التي دخلت في الإسلام التكلم بالعربية، بدليل بقائها إلى الآن تتكلم بألسنها، وما منع ترجمة القرآن أصلاً ولا ورد المنع في كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس" ([10]).

وقال أيضاً: "إن ترجمته من الأمور المرغب فيها، بل يضح لنا أن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير