تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

– نشرت قبل الترجمة – وهي غالباً ما تتضمن التشهير بالإسلام والنبي صلى الله عليه سلم، لكي يترسخ في ذهن القارئ الغربي بالدرجة الأولى زيف الإسلام وكراهيته ([51]).

"لقد اعتمدوا على آلية التمركز عل الذات والتمحور حولها، ذلك

هو ما يفسر تشويه ترجمات القرآن وتحريفها، وتجدر الملاحظة إلى أن هذا التشويه وذاك التحريف لا يرجعان إلى رغبة النصارى فيهما فقط، بقدر ما يؤولان إلى اعتماد هؤلاء لهذه الآلية، ولمنهجية التأثير والتأثر وتعقبهما، وهي ذات المنهجية التي ما فتئت تخضع لها بعض الإنتاجات الاستشراقية لحد الآن .. وهذا ما يفسر لنا تحاشي الترجمات اللاتينية للقرآن لكل المفردات التي تحيل فيه على معاني الإسلام والتسليم والمسلمين، وإسقاطها وتعويضها بمفردات ومعاني الإسماعيلية والمحمديين. وذلك هو ما يفسر قلق النصارى تجاه هذا الكتاب عندما ذكر بعض القصص التي وردت في كتبهم بصورة لا تتفق مع ما يعهدون فيها. كما يفسر حيرتهم عندما دعا إلى الإيمان بما جاء به عيسى ضمن الإيمان بما أتى به جميع الرسل والأنبياء، منكراً عليهم التثليث والصب والحلول والذنب الأصلي إلخ" ([52])

المبحث الثاني: روافدهم وعيوب منهجهم في الترجمة وأخطاؤهم فيها

إن موقف المستشرقين من القرآن الكريم لا يمثل شيئاً جديداً بالنسبة للباحث المتخصص، فهم في الحقيقة لم يفعلوا شيئاً أكثر من ترديد كلام خصوم الإسلام الأولين وأعدائه في كل وقت وحين.

المطلب الأول: روافدهم:

إن المتتبع لما كتبوه في هذا الخصوص يرى أن أهم الروافد والمناهل التي استمدوا منها فكرهم وتصورهم وموقفهم المعلوم، تتمثل في ثلاثة أشياء، نبينها إجمالاً فيما يأتي:

أولاً: الإسرائيليات:

لقد احتضنت الصهيونية بدايات الاستشراق، وهي في الوقت نفسه إحدى روافده الأصيلة التي تمده بتصوراتها وأفكارها، كما أنها رافقت جميع مراحل ترجمات القرآن الكريم وأطوارها العديدة.

يقول الباحث السويسري (أرنولد هوتينغر): "إن اليهود كانوا وما زالوا أكثر الناس اهتماماً بالعالم العربي" ([53]).

وهذا ما يفسر لنا الكثرة الملحوظة لعدد اليهود بين المستشرقين، بل ومن أقطابهم وأكثرهم حقداً وعداءً للإسلام من أمثال: (غولتسيهر) و (باول كراوس) و (غرونباوم) و (برناد لويس) و (يوسف فان إس) الذين عرفوا بالتحامل الشديد على الإسلام، والتشكيك في أصوله، ومحاولة إثبات أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأت بشيء جديد، بل سرق كل شيء من اليهود والنصارى.

إن تغلغل الإسرائيليات وانتشارها في التراث الإسلامي عامة، وفي كتب تفسير القرآن خاصة، له أثر سيئ.

لقد عكفوا على دراسة المصادر الإسلامية في خطة ترمي إلى تشويه الإسلام وإثارة الشكوك حوله من كل جانب. "كانت مهمتهم في مرحلة التحضير: تحريك الإسرائيليات إلى موضع جديد، ينقلونها من حواشي كتب التفسير وأشتات التراث البعيدة عن التناول العام، والمرسلة من غير توثيق، فيروونها على وجه التدليس الخفي إلى نصوص من مصادر يهودية، تشد إليها وثاق القرآن والسنة والفقه .. انطلاقاً من مقولتهم الجريئة الفاحشة: الإسلام بضاعة إسرائيلية" ([54]).

"كان وراء تيار الإسرائيليات أهداف لتدمير البنية العقلية والوجدانية للإنسان العربي، وبعث الشكوك والريب في التراث. حتى يعاني الفرد المسلم نوعاً من الانقسام الذاتي، هذا إلى أهداف أخرى جزئية تتضافر وتتآزر لتحقيق الأهداف الكلية العامة ضد الإسلام والمسلمين. من هذا مثلاً: محاولة التهوين من شأن الأنبياء في نطاق التهويد والحط من العقائد والقيم الخلقية بشكل عام" ([55]).

ثانياً: الإلحاد:

ارتبطت الدراسات الاستشراقية منذ بدايتها بالكتابات الإلحادية في الإسلام فقد رفع الغرب منذ صراعه مع الإسلام شعاراً عاماً اتخذه أساساً وقاعدة لسياسته تجاه العالم الإسلامي. هذا الشعار هو: أن كل من يطعن في الإسلام من المسلمين أنفسهم فلا بد من تأييده بقوة، وتشجيعه بجميع السبل حتى يواصل هجومه على الإسلام. بحثوا عن أي نص إلحادي ينفعهم في شن المزيد من الغارات الشرسة على حضارة الإسلام واعتنوا بنشر كتب كبار الملاحدة أمثال:

ابن المقفع ([56]): نشر المستشرق الألماني فان إيس مقاطع من معارضة ابن المقفع للقرآن الكريم في كتاب طبعته الجامعة الأمريكية في بيروت ([57]).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير