يذكر وحيد الدين خان في كتابه: الإسلام يتحدَّى أنَّ الآية الكريمة: "وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ" [فاطر: 28] , قرئت على الأستاذ جيمس جينز أستاذ الفلك في جامعة كامبردج, «فصرخ السير جيمس قائلاً: ماذا قلت؟ إنَّما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ؟ مدهش! وغريب, وعجيب جدًّا! إنَّ الأمر الذي كشفتْ عنه دراسة ومشاهدة استمرَّت خمسين سنةٍ من أنبأ محَمَّدا به؟ هل هذه الآية موجودة في القرآن حقيقة؟ لو كان الأمر كذلك فاكتب شهادة منِّي أنَّ القرآن كتاب موحى من عند الله. ويستطرد السير جيمس جينز قائلاً: لقد كان محَمَّد أمِّيًّا, ولا يمكنه أنْ يكشف عن هذا السرِّ بنفسه, ولكن «الله» هو الذي أخبره بهذا السر. مدهش! وغريب, وعجيبٌ جدًّا» (22).
يقول إبراهيم خليل أحمد, وكان قِسًّا عمل على تنصير المسلمين فاهتدى: «القرآن الكريم يسبق العلم الحديث في كلِّ مناحيه: من طبٍّ وفلك وجغرافيا وجيولوجيا وقانون واجتماع وتاريخ ... ففي أيامنا هذه استطاع العلم أنْ يرى ما سبق إليه القرآن بالبيان والتعريف» (23).
وهذا ميلر بروز, أستاذ الفقه الديني الإنجيلي بجامعة ييل يقول: «إنَّه ليس هناك شيء لا ديني في تزايُد سيطرة الإنسان على القوى الطبيعية, هناك آيَّة في القرآن يمكن أن يستنتج منها أنَّه لعلَّ من أهداف خلق المجموعة الشمسية لفت نظر الإنسان لكي يدرس علم الفلك ويستخدمه في حياته: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" [يونس: 5]. وكثيرًا ما يشير القرآن إلى إخضاع الطبيعة للإنسان باعتباره إحدى الآيات التي تبعث على الشكر والإيمان: "وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ [الزخرف: 12 – 13]. ويذكر القرآن ـ لا تسخير الحيوان واستخدامه فحسب ـ ولكن يذكر السفُن أيضًا. فإذا كان الجمل والسفينة من نعم الله العظيمة, أفلا يصدُق هذا أكثر على سكَّة الحديد والسيَّارة والطائرة؟» (24).
الخاتمة: الخلاصة والنتيجة
يمكن تلخيص الوقفات الخمس التي وردت في هذا البحث في النقاط الآتية:
1. تأخَّر المسلمون في نقل المعلومة الشرعية, ومنها تقديم القرآن الكريم إلى الأقوام الأخرى, عن طريق ترجمة معانيه. وكان هناك جدلٌ بين علماء المسلمين حول مشروعية ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأخرى غير اللغة العربية,
2. تردَّد رجال الكنيسة في قبول ترجمة معاني القرآن الكريم, خوفًا من انتشار الإسلام, وحُبست أوَّل ترجمة لمعانيه في الكنيسة لأربعة قرون (536 ـ 950هـ/1411 ـ 1543م) , وأُحرقت بعض الترجمات, لاسيَّما المحاولة الثانية التي قام بها جمع من رهبان ريتينا,
3. رغبةً في الحدِّ من انتشار الإسلام بين النصارى على حساب العقيدة النصرانية, انطلقت ترجمات معاني القرآن الكريم من الكنائس والأديرة, ولم تكن الدوافع لهذه الترجمات, بالضرورة, علمية أو موضوعية,
4. اتَّسمت الترجمات الأولى لمعاني القرآن الكريم التي قام بها المستشرقون بالطعون في كتاب الله تعالى, وفي كونه كتابًا منزَّلاً على نبي مرسل, ومن ثمَّ فقد ظهر الزعم بأنَّ هذا الكتاب الكريم من تأليف محَمَّد –صلى الله عليه وسلم-, أعانه عليه قوم آخرون, من معاصريه من اليهود والنصارى والحنيفيين,
5. كان لهذا الزعم بأنَّ القرآن الكريم من تأليف محَمَّد –صلى الله عليه وسلم- أثرُه في التعامي عن الجوانب المعجزة من كتاب الله تعالى, تستوي في ذلك الجوانب الإعجازية في العلوم التطبيقية والبحتة والعلوم الاجتماعية والعلوم الإنسانية, مما يعني عدم التركيز في الجوانب الإعجازية من كتاب الله تعالى على العلوم التطبيقية والبحتة فقط.
¥