وعلى الرغم أنَّ محَمَّدا دعا خصوم الإسلام إلى أن يأتوا بكتاب مثل كتابه, أو على الأقلِّ بسورةٍ من مثل سُوَره "وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" [البقرة: 23]. وعلى الرغم من أنَّ أصحاب البلاغة والبيان الساحر كانوا غير قلائل في بلاد العرب, فإنَّ أحدًا لم يتمكَّن من أنْ يأتي بأيِّ أثر يضاهي القرآن. لقد قاتلوا النبيَّ بالأسلحة, ولكنَّهم عجزوا عن مضاهاة السموِّ القرآني» (13).
وهذه ديبرا بوتر, الصحفية الأمريكية التي اعتنقت الإسلام سنة 1400هـ/1980م تقول: «كيف استطاع محَمَّد الرجل الأمِّي الذي نشأ في بيئة جاهلية أنْ يعرف معجزات الكون التي وصفها القرآن الكريم, والتي لا يزال العلم الحديث حتَّى يومنا هذا يسعى لاكتشافها؟ لا بُدَّ إذنْ أنْ يكون هذا الكلام هو كلام الله عزَّ وجلَّ» (14).
واشتهر الطبيب الفرنسي موريس بوكاي بوقفاته الموضوعية العلمية مع الكتب السماوية, وخرج من دراسته هذه بعدد من النتائج ضمَّنها كتابه المشهور القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم, أو دراسة الكتب المقدَّسة في ضوء المعارف الحديثة, إذ يقول: «كيف يمكن لإنسان ـ كان في بداية أمره أُمّيًّا ـ ثمَّ أصبح فضلاً عن ذلك سيِّد الأدب العربي على الإطلاق, أنْ يصرِّح بحقائق ذات طابع علمي لم يكن في مقدور أيِّ إنسان في ذلك العصر أنْ يكونها, وذلك دون أنْ يكشف تصريحه عن أقلِّ خطأ من هذه الوجهة؟» (15).
وكتب المستشرق الفرنسي إميل درمنغم عن حياة محَمَّد –صلى الله عليه وسلم-, وقال: «كان محَمَّد, وهو البعيد من إنشاء القرآن وتأليفه ينتظر نزول الوحي أحيانًا على غير جدوى, فيألم من ذلك, كما رأينا في فصل آخر, ويودُّ لو يأتيه المَلَكُ متواترًا» (16).
وتقول يوجينا غيانة ستشيجفسكا, الباحثة البولونية المعاصرة في كتابها: تاريخ الدولة الإسلامية: «إنَّ القرآن الكريم مع أنَّه أُنزل على رجل عربي أمِّي نشأ في أمَّة أمِّية, فقد جاء بقوانين لا يمكن أنْ يتعلَّمها الإنسان إلا في أرقى الجامعات. كما نجدُ في القرآن حقائقَ علميةً لم يعرفها العالم إلاَّ بعد قرون طويلة» (17).
وهذه الليدي إفيلين كوبولد, النبيلة ألإنجليزية التي أسلمت, تقول في كتابها: الحجُّ إلى مكَّة, أو البحث عن الله: «وذكرتُ أيضًا ما جاء في القرآن عن خلق العالم وكيف أنَّ الله سبحانه وتعالى قد خلق من كلِّ نوعٍ زوجين, وكيف أنَّ العلم الحديث قد ذهب يؤيِّد هذه النظرية بعد بحوث مستطيلة ودراسات امتدَّت أجيالاً عديدة» (18).
وهذا القس المستشرق المعاصر مونتوجمري واط يعود عن أقواله السابقة التي ضمَّنها كتابَه: محَمَّد النبي ورجل الدولة من أنَّ «الوحي لم يكن من عند الله, ولكنه كان من الخيال المبدع. وكانت الأفكار مختزنة في اللاوعي عند محَمَّد, وهي أفكارٌ حصَّلها من المحيط الاجتماعي الذي عاش فيه قبل البعثة. ولم يكن جبريل إلا خيالاً نقل الأفكار من اللاوعي إلى الوعي. وكان محَمَّد يسمِّي ذلك وحيًا» (19).
يرجع مونتجمري واط عن قوله هذا, فيقول عن القرآن الكريم في كتابه المتأخِّر: الإسلام والمسيحية في العالم المعاصر: «إنَّ القرآن ليس بأيِّ حال من الأحوال كلامَ محَمَّد, ولا هو نتاج تفكيره, إنَّما هو كلام الله وحده, قصد به مخاطبة محَمَّد ومعاصريه, ومن هنا فإنَّ محَمَّدا ليس أكثرَ من «رسول» اختاره الله لحمل هذه الرسالة إلى أهل مكَّة أوَّلاً, ثمَّ لكلِّ العرب, ومن هنا فهو قرآن عربي مبين. وهناك إشارات في القرآن إلى أنَّه موجَّهٌ للجنس البشري قاطبةً. وقد تأكَّد ذلك عمليًّا بانتشار الإسلام في العالم كلِّه, وقبله بشرٌ من كلِّ الأجناس تقريبًا» (20). ويمضي مونتوجمري واط في توكيد ذلك في أكثرَ من موضع من كتابه سالف الذكر (21).
¥