فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145]. ثم جاءت السنة فحرمت أشياء لم تذكر في هذه الآية كقوله صلى الله عليه وسلم: " كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير حرام " وكقوله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: " إن الله ورسوله ينهياكم عن الحمر الإنسية، فإنها رجس " أخرجه الشيخان. فلولا هذه الأحاديث لا ستحللنا ما حرم الله علينا عل لسان نبيه. (راجع: منزلة السنة في الإسلام للألباني ص 5، 6).
ثانيا: رفضه لتفاسير القرآن كلها
مسلك الخوارج مُتأصِّلٌ في هذا المغرور الغالي في التكفير فهو يرفض كل التفاسير ولا يعترف إلا بتفسيره وفهمه هو فقط!!، وهذا عادة كل أصحاب البدع، لأن أي كتاب علم يكفي لبيان فضائحه وجهله، لذلك يحرص كل الحرص على تدمير كل التراث العلمي وتحقيره وتجاوزه، ليكون هو مبتدأ العلم ومنتهاه، على جهلة وفساد عقله وتواضع قدراته، وإنكار السنة كما قلنا هو مدخل للطعن في القرآن!! فالمستهدف كما ترون هو القرآن وضرب آياته بعضها ببعض، وهذه جرأة على الله وقول عليه بلا علم. ففي موقعه على الانترنت نشر فتوى له عن " تفاسير القرآن " قال فيها: " ليست هناك مراجع معتمدة فى تفسير القرآن، كلها مختلف فيها مذهبيا و طائفيا - واستعمال كلمة تفسير القرآن فيه سوء أدب مع القرآن الكريم - فليس القرآن كتابا غامضا مبهما يحتاج الى البشر ليفسروه ويبينوه - بل هو كتاب مبين وآياته بينات واضحات - تستلزم التدبر - اى التفكر فى فهم القرآن بالقرآن " اهـ.
فهو لا يعترف بتفاسير القرآن التي صنفها العلماء، فالمرجع كما يقول " التفكر فى فهم القرآن بالقرآن "، أو بعبارة أخرى: هو فهمه القاصر وعلمه الذي هو الجهل الكامل، وما وافق عقله وهواه. مع بعده عن العصر والمحيط اللذين نزل فيهما القرآن!! سبحان الله!! نترك نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم ومن نزل عليه القرآن وأُمِرَ بتبيينه، نترك أفصح أهل اللسان صلى الله عليه وسلم، ونترك أصحابه الذين شهدوا الوحي والتنزيل وأسباب النزول ونعتمد على فهم أحمد صبحي وأمثاله!! أو نفهم القرآن كل منا على طريقته مع أن الأفهام تتفاوت!!
نترك تفسير النبي صلى الله عليه وسلم وبيانه للقرآن ونترك تفاسير الصحابة الذين شهدوا الوحي وسبب النزول ونترك تفاسير التابعين وأهل العلم الذين أمرنا بالرجوع إليهم: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} ونعتمد تفاسير أحمد صبحي منصور نعوذ بالله من الخذلان!! ومما يؤكد أن مسلك هذا الرجل هو مسلك الخوارج هو أن سوء الفهم للقرآن هو الذي أوقع الخوارج في التكفير ولوازمه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وكانت البدع الأولى مثل بدعة الخوارج، إنما هي من سوء فهمهم للقرآن، لم يقصدوا مُعارضته لكن فهموا منه ما لم يدل عليه، فظنوا أنه يوجب تكفير أرباب الذنوب، إذا كان المؤمن هو البر التقي؛ قالوا: فمن لم يكن برًا تقيا فهو كافر وهو مخلد في النار " اهـ (الفتاوى 13/ 30).
الخاتمة: في بيان أقوال العلماء فيمن يرد السنة
لقد تنبه أهل العلم قديما وحديثا لخطورة هذه الدعوى المنحرفة لإنكار السنة المطهرة فمن ذلك:
* قول الإمام ابن حزم رحمه الله: " ولو أن امرأ قال: لا نأخذ إلا ما وجدنا في القرآن لكان كافرا بإجماع الأمة ولكان لا يلزمه إلا ركعة ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل وأخرى عند الفجر " اهـ. (الأحكام 2/ 208).
* وقال الإمام الشاطبي رحمه الله: " الاقتصار على الكتاب رأي قوم لا خلاق لهم خارجين عن السنة، إذا عولوا على ما بنيت عليه من أن الكتاب فيه بيان كل شيء فاطَّرحوا أحكام السنة فأداهم ذلك إلى الانخلاع من الجماعة وتأويل القرآن على غير ما أنزل الله " اهـ. (الموافقات 3/ 17).
* وقال الإمام السيوطي رحمه الله: " من أنكر كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم قولا كان أو فعلا – بشرطه المعروف في الأصول – حجة كفر وخرج من دائرة الإسلام " اهـ (مفتاح الجنة / 3).
* وقال العلامة الشيخ عبد الغني عبد الخالق: " وليت شعري كيف يتصور أن يكون نزاع في مسألة بين المسلمين، وأن يأتي رجل في رأسه عقل ويقول: أنا مسلم ثم ينازع في حجية السنة بجملتها مع أن ذلك يترتب عليه عدم اعترافه بالدين الإسلامي كله من أوله إلى آخره، فإن أساس هذا الدين هو الكتاب، ولا يمكن القول بأنه كلام الله مع إنكار حجية السنة جملة، فإن كونه كلام الله لم يثبت إلا بقول الرسول: أن هذا كلام الله وكتابه، وقول الرسول هذا من السنة التي يزعم أنها ليست بحجة، فهل هذا إلا إلحاد وزندقة وإنكار للضروري من الدين، يقصد به تقويض الدين من أساسه " اهـ (حجية السنة / 249، 250).
* * * *
هذا بعض ما كنت أود بيانه في هذا المقام، وهذا "الدعي الجهول" لا يحتاج لأكثر من ذلك، تولانا الله بهدايته وجنبنا مواقع الفتن ومزالق الزلل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
[email protected]
نقلا عن جريدة المصريون
http://www.almesryoon.com/ShowDetailsC.asp?NewID=35963&Page=7&Part=1
¥