تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مصطفى عبد الرازق مشيخة الأزهر!

ويقول الأستاذ حسن أبو هنية شكلت قراءة النص القرآني أحد أهم انشغالات وتحديات النخبة الحداثية العربية خلال العقود الثلاثة الماضية، وذلك لما يتمتع به القرآن الكريم من دور وتأثير مركزي في تشكيل العقل العربي الإسلامي، وذلك باعتباره أحد أهم العقبات المعرفية التي تقف عائقا أمام تحقيق النهضة والتقدم والتحرر، وقد انتهجت القراءة الموسومة بالحداثية منهجا مقلدا لنسق الحداثة الغربية، وعلى الرغم من الاختلاف البين والمقاربات المتعددة لمفهوم الحداثة عند أهلها إلا أن القراءة العربية للحداثة تعاطت معها كمشروع مكتمل بدأ في لحظة تاريخية في الغرب ولا بد أن تشمل آثاره العالم بأسره وآمن الحداثيون العرب بجملة الصفات التي طبعت المشروع الحداثي الغربي، ولعل الناظر إلى كثرة الاجتهادات التي تناولت مفهوم الحداثة يصل إلى النتيجة التي مفادها أن الحداثة مشروع غير مكتمل كما ذهب إلى ذلك الفيلسوف الألماني "يورغن هابرمس".

سعت القراءة الحداثية العربية للنص القرآني إلى تحقيق قطيعة معرفية مع القراءات الإسلامية التراثية التي تعمل على ترسيخ الإيمان والاعتقاد واستبداله بترسيخ التشكيك والانتقاد، ومن أشهر القراءات النقدية الحداثية قراءة محمد أركون وأتباعه مع التونسيين مثل عبد المجيد الشرفي ويوسف صديق وكذلك قراءة نصر حامد أبو زيد وطيب تزيني، ويدخل في هذا الباب قراءة حسن حنفي التأويلية بشكل اقل حدة، واتبعت هذه القراءات في سبيل تحقيق مشروعها الحداثي النقدي مجموعة من الخطط تهدف إلى رفع العوائق الاعتقادية من أبرزها خطة أنسنة القرآن الكريم والتي تهدف إلى رفع عائق القداسة عن النص القرآني عن طريق التعامل مع الآيات القرآنية باعتبارها وضعا بشريا، وقد عبر عن ذلك عبد المجيد الشرفي بنزع الميثية عن النص الديني بمحاولة أنسنته بعلمنة القراءة.

وانتهجت هذه القراءة الحداثية عمليات خاصة، كحذف عبارات التعظيم المتداولة إسلاميا واستبدال المصطلحات المقررة تاريخيا بمصطلحات جديدة كاستبدال مصطلح نزول القرآن بالواقعة القرآنية والقرآن الكريم بالمدونة الكبرى والآية بالعبارة، والاستشهاد بالكلام الإلهي والكلام الإنساني على نفس الرتبة في الاستدلال، والتفريق بين مستويات مختلفة في الخطاب الإلهي كالتفريق بين الوحي والتنزيل، والقرآن والمصحف، والشفوي والمكتوب، وفي هذا السياق يقول محمد أركون " وكنت قد بينت في عدد من الدراسات السابقة أن مفهوم الخطاب النبوي يطلق على النصوص المجموعة في كتب العهد القديم والأناجيل والقرآن كمفهوم يشير إلى البنية اللغوية والسيمائية للنصوص، لا إلى تعريفات وتأويلات لاهوتية عقائدية "، ويؤكد هذا المعنى أبو زيد بقوله: "إن القول بإلهية النصوص والإصرار على طبيعتها الإلهية تلك يستلزم أن البشر عاجزون بمناهجهم عن فهمها ما لم تتدخل العناية الإلهية بوهب البشر طاقات خاصة تمكنهم من الفهم ".

وكان من نتائج التطبيق المنهجي لخطة أنسنة القرآن جعل القرآن نصا لغويا لا يختلف عن النصوص البشرية، وترتب على هذه المماثلة اللغوية بين النص القرآني والنصوص البشرية اعتبار النص القرآني مجرد نص أنتج وفق المقتضيات الثقافية التي تنتمي إليها اللغة لا يمكن أن يفهم أو يفسر إلا بالرجوع إلى المجال الثقافي الذي أنتجه، كما شدد على ذلك نصر حامد أبو زيد بقوله: " إن النصوص الدينية ليست في التحليل الأخير سوى نصوص لغوية، بمعنى أنها تنتمي إلى بنية ثقافية محددة تم إنتاجها طبقا لقوانين تلك الثقافة التي تعد اللغة نظامها الدلالي المركزي "، ومن نتائج القراءة الحداثية جعل القرآن إشكاليا بحيث يصبح النص مجملا ً ينفتح على احتمالات متعددة وتأويلات غير متناهية فالطيب تيزيني يرى "أن الوضعيات الاجتماعية المشخصة في المجتمع العربي بما انطوت عليه من سمات ومطالب اجتماعية اقتصادية وسياسية وثقافية الخ، هي التي تدخلت في عملية خلخلة النص القرآني وتشظيه وتوزعه بنيويا ووظيفيا في اتجاهات طبقية وفئوية وأقوامية إثنية متعددة، وأتى ذلك على نحو ظهر فيه هذا النص معاداً بناؤه وفق قراءات متعدده محتمله تعدد تلك الاتجاهات وحواملها المجسدة بالوضعيات المذكورة إياها "، ومن النتائج المترتبة على القراءة الحداثية فصل النص القرآني عن مصدره الإلهي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير