ويتناول مجموعة من أبرز المستشرقين من أمثال برنارد لويس وهاملتون جب وغيرهما، ودور هؤلاء في تعزيز دراسات الشرق الأوسط وفق رؤية كل منهم, ليخلص في النهاية إلى التأكيد أن البرامج البحثية في تلك الفترة ارتبطت باحتياجات "دولة الأمن القومي" التي ولدت من رحم الحرب الباردة.
تيار يساري
في الفصول الثلاثة الأخيرة يتناول المؤلف تطور دراسات الاستشراق, وظهور تيار يساري بين الباحثين الأميركيين والأوروبيين يرفض النزعات العنصرية والمقولات الجاهزة السابقة والأبحاث غير الموضوعية, ويطالب بإعادة دراسة الشرق الأوسط على أسس مختلفة.
هذا التيار بدأ في الظهور في الستينيات من القرن العشرين, خاصة مع أحداث داخلية وخارجية أسهمت في ظهوره, منها تصاعد حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، وكذلك حرب فيتنام والشعور بحاجة الدراسات العلمية إلى أجواء أخرى حتى تكون أكثر موضوعية.
ويتعرض المؤلف لكتاب إدوارد سعيد عن الاستشراق الذي صدر في العام 1978م حيث يتناول بحدة -كما يقول المؤلف- دراسات الاستشراق وسلبياتها, وكيف أن هذا الكتاب أثار الكثير من نقاط الجدل حول مدى ارتباط دراسات الشرق الأوسط بالواقع أو بالتصور المسبق, لكنه في كل الأحوال أفاد في التأثير الإيجابي على دراسات هذا المجال بعد ذلك.
لقد أحدثت التغيرات في نصف القرن الأخير الكثير من التحولات في دراسات الشرق الأوسط في الولايات المتحدة عبر العقود الأخيرة من القرن الـ20, وجعلت منها حقلا بحثيا أكثر إنتاجية وأهمية فكريا.
ولكن هذا التطور زاد من الفجوة بين الباحثين والمسؤولين في الحكومة الأميركية, وتراجع تأثير هؤلاء الباحثين على تشكيل السياسة الخارجية وعلى وسائل الإعلام كذلك.
ويختم المؤلف الكتاب بالتأكيد على أن هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 غيرت الكثير, فالأميركيون يدركون الآن أن هناك مجموعات منظمة في العالم مستعدة وراغبة وقادرة على قتل مدنيين أميركيين وآخرين دون تميز.
وتجشمت قلة من الأميركيين فقط عناء السؤال عن سبب وجود أناس يكرهون الولايات المتحدة بشدة تجعلهم يغتالون أعدادا مهمة من الأميركيين، وعن الدهشة من عدم إدراك حقيقة أنهم يكرهونها بما يكفي.
المطلوب هو إعادة دراسة الشرق الأوسط بعيدا عن التصورات الغريبة الشاذة, وإعادة تقديمها إلى المجتمع الغربي في أميركا وأوروبا حتى نكون أكثر إنصافا.