وإذا قلنا إن (أصح) لا تفيد ترجيحًا، وإنما هي تصحيح للوجهين لكن أحدهما أقوى من الآخر = لم يكن لسؤالات الأئمة فائدة ولا ثمرة، لأنه ما دام الوجهان صحيحان فلمَ السؤال عن الأصح؟! فلا حاجة لمعرفة أيهما أصح، إذ الجميع صحيح!!!
وانظر في هذا المثال:
فقد أخرج النسائي في سننه (4/ 77) حديثًا من طريق المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر - رضي الله عنه - مرفوعًا، ثم أخرجه من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر - رضي الله عنه - موقوفًا، ثم قال: «وهذا أولى بالصواب»، وهذه المقولة أقل درجة - عند التأمل - من قولهم: (أصح).
فعلى ما ذكرتَ - أخي الكريم -؛ يكون النسائي يرى أن الوجهين صواب، إلا أن الوجه الثاني أولى بالصواب عنده من الأول، لكن ما رأيك بقول النسائي نفسه في سننه الكبرى (4/ 347): «المغيرة بن مسلم ليس بالقوي في أبي الزبير، وعنده غير حديث منكر»؟! وعليه فهو يعتبر رواية المغيرة بن مسلم (التي جعل رواية ابن جريج أولى منها بالصواب) = منكرة، ليست ضعيفة فقط؛ فضلاً عن أن تكون صوابًا.
فاتضح جليًّا أن قولهم في أحد وجهي الخلاف: (أولى منه بالصواب) = يعني أن الآخر خطأ غير صحيح، وأن الثاني هو الصحيح، فما بالك إذن بقولهم: (أصح)؟!
وقال ابن رجب في شرح العلل (2/ 795) - بعد أن أورد المثال السابق في الكلام على المغيرة بن مسلم -: «وقد ذكرنا له - أي: للمغيرة - حديثًا آخر في كتاب الأطعمة في النهي عن بيع الجلالة بهذا الإسناد، وهو أيضًا منكر، وقد روي من وجه آخر عن أبي الزبير مرسلاً، وهو أصح».
فمع أنه قال إن الثاني أصح، إلا أنه حكم على الأول بأنه منكر.
بل الشيخ الألباني - رحمه الله - فهم من قول البخاري - في الحديث الذي ذكرتَهُ أولاً -: (والأول أصح) = أن البخاريَّ يُعلّ الحديث بالإرسال، قال - كما نقلتَ -: «وقد أُعِلَّ بالإرسال، فقال الحنائي: .... ، وذكر البيهقي نحوه عن البخاري»، ولم يفهم الألباني - رحمه الله - ذلك الفهم العجيب: أن الأمر بين صحيح وأصح!! ذلك أن (إعلال الحديث) الذي فهمه الألباني - رحمه الله - يعني: أن الحديث ضعيف لا يصح، لأن المعلول ضعيف بلا شك.
وأما كون من يفرق بين المتقدمين والمتأخرين نذر نفسه للشقاق بين طلبة الحديث ولو بحسن نية، فهذا حكم عامٌّ على جمٍّ غفير ممن يتبع هذا المنهج، وفيهم مشايخ وعلماء وأعلام فضلاء لا يقلون عن الألباني - رحمه الله - منزلة ودرجة، فما بالك تعمم هذه الأحكام والاتهامات عليهم دون أدنى تروٍّ أو تمهل، بينما تقول لمن انتقد الألباني: (آسف أشد الأسف لما يدور الآن في المنتديات من تخطئة الشيخ بدون أدنى ترو أو تمهل)؟!!!
لمَ الكيل بمكيالين؟! لمَ لا تعامل من تخالفهم بالميزان الذي تعامل به الألباني - رحمه الله -؟!
لمَ أسفتَ لتخطئة الشيخ الألباني - رحمه الله - بعبارات كلُّها أدب - وقد نقلتَ طرفًا منها إلا عبارتين لا يرضاهما عاقل -، ثم لا يهمك ولا يحرك شيئًا في نفسك أن تتهم علماء فضلاء - أجزم أن فيهم أعلم منك بمراحل - وطلاب علم نجباء = بأنهم نذروا أنفسهم للشقاق بين طلبة الحديث؟!!
هل أنصفتَ إذن، وقد اتهمتَ الشيخَ طارقًا بأنه لم ينصف؟!!
أسأل الله أن يلهمنا رشدنا، وأن يقينا شر أنفسنا.
وأعتذر إن كان في العبارات ترددًا، أو كان في الأسلوب حدة، غفر الله لي ولكم.
ـ[شمام الورداني]ــــــــ[05 - 02 - 07, 02:58 م]ـ
حٌذفت المشاركة للضعف العلمي
## المشرف ##
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[05 - 02 - 07, 03:11 م]ـ
أين قلنا ذلك
أظنك كتبت كلامك دون قراءة المداخلات
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[05 - 02 - 07, 05:33 م]ـ
الحمد لله وحده ...
... ولو كان منصفا ...
يا أخي محمد أشرف ..
من شيم النبلاء أنهم إذا نهوا عن خلقٍ تجنبوا أن يأتوا بمثله، فكيف بمن يأتي بأقبح منه؟!
جئتَ تكتب برصيد لا بأس به من الحماسة والمحبة للشيخ الإمام الألباني رحمه الله، ورصيد فقير علميًا (معذرة هو رأيي على كل حال) ..
وحكيتَ لنا عن حزنك ووجدك على من يصف الشيخ الألباني بالتساهل في التصحيح أو نحو ذلك ..
لكنك لم تنس أيضًا أن تقدح في إنصاف (أخيك!) طارق بن عوض الله المصري، غامزًا إياه!
فهي غيبة (إن لم تكن بهتانًا) وهي من الكبائر أعزك الله ونزهنا وإياك من الذنوب ..
ولا أدري إن كنت تعلم أن (لأخيك!) طارق بن عوض الله المصري كتابًا يدافع فيه عن الشيخ الألباني أم لا؟
وهو كتاب نفيس حتى أن بعضهم سرقه ..
ولا أدري إن كنتَ تعلم أن (أخاك!) طارقًا لا يُذكر الشيخ الألباني إلا ويثني عليه أم لا؟
ولا أدري ـ إن كنت تقرأ ـ هل قرأت عدد الأحاديث التي ضعفها الشيخ الألباني أو صححها وقرن ذلك بالاعتراض وتخطئة من خالفه في هذا الحكم أم لا؟
ولا أدري هل بلغك أن ابن المديني قد أخبر أنه ربما عرف علّة حديث بعد أربعين سنة أم لا؟
ولا أدري؛ هل سنرى لك مشاركة علمية وجيهة ..
فيها ما يمكن أن نحمله إلى (أخيك!) طارق بن عوض الله، فربما رجع عن قولٍ له إذا تبيّن له؛ أم لا؟
¥