تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- بدلالة الرواية الأخرى عنه، التي قال فيها: "ليس بثقة"،

- ولتضافر كلمة الأئمة على جرح أزهر، فدل على أنه أراد بها الجرح.

فكيف إذا انضم إلى ذلك قول من قال في أزهر: "منكر الرواية"، وإذا انضمَّ إليه أيضًا: أن كل هذه الكلمات جاءت مع قلة حديثه، وغلبة المناكير مع قلة حديث الراوي دليل على ضعفه الشديد، وسقوطه ووهائه.

ومن العجب الشديد اعتبار المؤلف (ص19) أن رواية أزهر "معتبرة، يعتضد بها"، بينما كلمات الجرح الشديد الصارخة من الأئمة تتوالى: "ليس بشيء"، "لا شيء"، "ليس بثقة"، "ضعيف الحديث جدًّا"، "منكر الرواية"!

وأما نقل مغلطاي عن ابن أبي حاتم توثيقه أزهر، فيظهر أنه خطأ، لأن ابن أبي حاتم نقل في الجرح قول ابن معين: "لاشيء"، ولا يُظن به أن يوثّق من جرحه ابن معين ذلك الجرح. وقد عُهد عن مغلطاي الأوهام الشنيعة في نقولاته. ولم يذكر في نقله هذا مصدرًا، فاحتمال الوهم قوي.

وأما كلمة ابن عدي، فمناقشتها من أوجه:

الأول: أنه لا يُسلَّم أن قول ابن عدي: "وأرجو أنه لا بأس به" يفيد تحسين حديث الراوي، أو التخفف فيه دائمًا، بل من معانيها عنده أنه لا يتعمد الكذب في حديثه، وقد ذكر هذا المعلميُّ - رحمه الله - في غير موضع من حواشيه (منها: حاشية الفوائد المجموعة، ص35، 459).

الثاني: أن قوله: "أحاديثه صالحة، ليست بالمنكرة جدًّا" يحتمل أن أحاديثه منكرة، إلا أنها لا تصل إلى أن تكون "منكرة جدًّا"، وبينهما فرق، والنكارة باقية.

الثالث: أن ابن عدي - مع أنه ذكر أن أحاديث أزهر صالحة - ذكر أن حديثه ليس بالكثير، وكون أحاديث الراوي صالحةً يقتضي النظرَ في مروياته، والتأكدَ من خلوّها من النكارة، لأنها لم تبلغ مرتبة الصحة التي تُقبل الرواياتُ عندها، فإذا كان ذلك مع قلة حديثه؛ كان الأمر آكد، لأنه لو كان ثقةً أو صدوقًا لضبط أحاديثَهُ القليلة أو أكثرها، ولَمَا كان عامتها صالحًا (ليس صحيحًا أو قويًّا).

الرابع: أن حديثنا هذا خارجٌ - بلا شك ولا إشكال - عن كلمة ابن عدي عند ابن عدي نفسه، فإن ابن عدي ذكر هذا الحديث من رواية أزهر بن سنان عن ابن واسع في ترجمة أزهر، وقد قال هو في مقدمة كاملِهِ مبيِّنًا طريقتَهُ فيه: "وذاكرٌ لكلِّ رجلٍ منهم مما رواه ما يُضَعَّف من أجله، أو يَلحقُهُ بروايته له اسمُ الضعف"، وقال الذهبي: "يروي - أي: ابن عدي - في الترجمة حديثًا أو أحاديث مما يُستنكر للرجل"، وقال السبكي: "وذكر في كل ترجمة حديثًا فأكثر من غرائب ذاك الرجل ومناكيره" (انظر: ابن عدي ومنهجه في كتاب الكامل، لزهير عثمان علي نور: 1/ 189، 190).

فابن عدي - إذن - يرى هذا الحديث مما يستنكر لأزهر، وكلمتُهُ تلك في بيان حال أزهر إنما كانت في غير ما ذكرَهُ من مناكير، قال: "ولأزهر بن سنان غير ما ذكرت من أحاديث، وليس بالكثير، وأحاديثه صالحة، ليست بالمنكرة جدًّا، وأرجو أنه لا بأس به".

ثم على التسليم بأن أزهر "لين الحديث، وليس بمتروك"، فإنه في محمد بن واسع ضعيف جدًّا، منكر الحديث، فقد أنكر عليه ابن المديني حديثًا له عنه، وأخرج العقيلي في ترجمته غيرَ حديثٍ له عنه لإثبات أحقّيته بالذكر في كتاب الضعفاء، وأنكر عليه ابن حبان حديثًا له عنه، وأنكر عليه ابن عدي - كما سبق - غيرَ حديثٍ عن ابن واسع، وحمّله الذهبي نكارةَ حديثٍ أنكره أبو حاتم على محمد بن واسع، رواه عن سالم عن ابن عمر، ولعله حديثُنا هذا.

وأنكر حديث السوق ذاتَهُ على أزهر بن سنان: ابنُ معين (كما في تاريخ دمشق: 56/ 139)، وأبو داود (كما في سؤالات الآجري: 2/ 49)، والعقيلي، وابن عدي - كما سبق عنهما -، وأبو نعيم الأصبهاني - كما سيأتي عنه قريبًا -.

5 - ذكر (ص19، 20) إعلال رواية أزهر عن ابن واسع بالتفرد، ونقله عن أبي نعيم الأصبهاني، ولم ينقل أن الترمذي قال فيه - بعد أن أخرجه -: "هذا حديث غريب".

ثم قال المؤلف - رادًّا على الإعلال بالتفرد -: "والجواب من وجوه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير