1 - أن أزهر بن سنان لم يتفرد به عن محمد بن واسع، فقد أخرج العقيلي في الضعفاء الكبير (1/ 152) حديث أزهر، ثم ساق له متابعًا عن محمد بن واسع، قال: حدثناه أحمد بن الحسين الحذاء، قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الزيدي، قال: حدثنا إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: حدثنا يزيد الدورقي - أبو الفضل، صاحب الجواليق - قال: كان محمد بن واسع الأزدي لا يزال يجيء إلى دكان، فيقعد ساعة في أصحاب الجواليق، فنرى أنه يذكر ربه، فحدثنا قال: كنت بخراسان مع قتيبة، فاستأذنته في الحج، فأذن لي، فلقيت سالم بن عبد الله، فسمعته يذكر أنه من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... "،
إلى أن قال: "قال العقيلي: وهذا أولى من حديث أزهر".
واعتبارُهُ هذه الروايةَ متابعةً لأزهر بن سنان عجب!
أ- فرواية أزهر جاءت هكذا: عن محمد بن واسع، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به.
ورواية يزيد الدورقي هذا جاءت هكذا: عن محمد بن واسع، عن سالم بن عبد الله به.
فكيف صارت هذه متابعة؟!
بل هذه مخالفةٌ في جعل الحديث من كلام سالم، لا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ب- ثم قول العقيلي - الذي نقله المؤلف -: "وهذا أولى من حديث أزهر"= يقطع بأنّ اعتبارَ هذه الرواية متابعةً= خطأٌ، لأنه يرجحها على الرواية الأصلية، وما عهدنا في علم الحديث روايةً متابِعَةً أرجحَ من الروايةِ المتابَعَة!!
والعجب يزداد أنه قرر بعدُ فقال: "وبهذا تبطل دعوى تفرد أزهر عن محمد بن واسع"!!
6 - قال المؤلف في الأجوبة عن الإعلال بتفرد أزهر (ص21): "قول أبي نعيم: وحدث به الأئمة عن يزيد: أحمد بن حنبل وأبو خيثمة وطبقتهما.
وهذا لا يخفى تقويةٌ منهم للحديث".
وحكايةُ كلامِهِ هذا تغني عن الرد عليه، ولازمه أن نقوّي جميع ما للضعفاء في مسند أحمد بروايةِ أحمدَ وغيرِهِ إياه، وهذا لا يقول به من شم رائحة علم الحديث!!
7 - قال المؤلف في سياق ما أُعلت به رواية أزهر (ص21): "الثانية: قول العقيلي: وهذا أولى من حديث أزهر ... والصواب: أن حديث أزهر أولى - على ضعفه - من وجوه:
1 - أن أزهر - على ضعفه - يصلح للاعتبار بحديثه، والرواية التي اعترض بها العقيلي راويها غير معروف.
2 - أن الراوي عند العقيلي قصر، فلم يسق الإسناد، بل قطعه عند سالم بن عبد الله" ا. هـ.
قال: "من وجوه"، وهما وجهان.
فأما الأول، فقد سبق أن أزهر منكر الحديث، ضعيف جدًّا، لا يصلح للاعتبار.
وردُّهُ على العقيلي بأن الراويَ غيرُ معروفٍ عجيبٌ، فأنت ترى العقيلي - وهو إمام من كبار الأئمة الحفاظ - يرجح روايةَ راوٍ على روايةِ راوٍ آخرَ ضعيفٍ، فهل خفي على العقيلي أن أزهر أقوى من هذا الراوي - لو كان الأمر كذلك كما يقول المؤلف -، فذهب يرجح روايتَهُ عليه؟!
بل ترجيحُ العقيلي كافٍ في اعتبار يزيد الدورقي هذا أقوى من أزهر، وإن كان هذا لا يفيد كونَهُ ثقةً أو في أعلى مراتب الحفظ.
وأما الثاني مما ذكره - وهو التقصير -، فالرواية صريحة في أن قائل تلك الكلمات هو سالم بن عبد الله: قال يزيد الدورقي عن محمد بن واسع: " ... فلقيت سالم بن عبد الله، فسمعته يذكر أنه من دخل السوق ... ".
ثم على التسليم بأن هذا تقصير، فالتقصير قد يكون صوابًا، وخلافُهُ خطأً، وهذا مثالٌ - في أمثلة - على ذلك، فإن العقيلي رجّح الروايةَ التي قصر راويها على الرواية المسندة، فدلّ على أن التقصير هنا هو الصواب، وأن ذكر ابن عمر وأبيه ورفع الحديث= خطأ مرجوح.
8 - ذكر المؤلف (ص21) العلة الثالثة في رواية أزهر، وهي النكارة التي أشار إليها الذهبي في تفسيره كلمة أبي حاتم الرازي. ثم أطال في بيان أن المنكر محصور فيما تفرد به الضعيف أو خالف. ثم قال (ص24): "أزهر بن سنان لم يتفرَّد به؛ كما بينتُ في الرد على العلة الأولى، ولم يخالف، فمن أين جاءت النكارة؟ ".
وعلى التسليم بالحد الذي ذكره للمنكر - وهو بعيد كل البعد عن أقوال الأئمة وكلماتهم وتطبيقاتهم - فإن تفردَ أزهر بهذا الحديث ثابتٌ، والردُّ على علة التفرد ردٌّ واهٍ.
ثم على التسليم بأنه توبع، فالمتابِعُ غير معروف - عند المؤلف -، وأزهر منكر الحديث - كما سبق -، فهل تزول النكارةُ بمتابعةِ مجهولٍ لمنكَرِ حديثٍ؟!
¥