تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنْ رَأَيْتُم أَنْ تُطْلِقُوا لِهَذِهِ أَسِيْرَهَا).

فَبَادَرَ الصَّحَابَةُ إِلَى ذَلِكَ.

وَمِنَ السِّيْرَةِ: أَنَّهَا بَعَثَتْ فِي فِدَائِهِ قِلاَدَةً لَهَا كَانَتْ لِخَدِيْجَةَ، أَدْخَلَتْهَا بِهَا.

فَلَمَّا رَآهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَقَّ لَهَا، وَقَالَ: (إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيْرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا).

قَالُوا: نَعَمْ.

وَأَطْلَقُوْهُ، فَأَخَذَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُخْلِيَ سَبِيْلَ زَيْنَبَ، وَكَانَتْ مِنَ المُسْتَضْعَفِيْنَ مِنَ النِّسَاءِ، وَاسْتَكْتَمَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ، وَبَعَثَ زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ، وَرَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ.

فَقَالَ: (كُوْنَا بِبَطْنِ يَأْجِجٍ، حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ، فَتَصْحَبَانِهَا).

وَذَلِكَ بَعْد بَدْرٍ بِشَهْرٍ، فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو العَاصِ مَكَّةَ، أَمَرَهَا بِاللُّحُوْقِ بِأَبِيْهَا، فَتَجَهَّزَتْ.

فَقَدَّمَ أَخُو زَوْجِهَا كِنَانَةُ - قُلْتُ: وَهُوَ ابْنُ خَالَتِهَا - بَعِيْراً، فَرَكِبَتْ، وَأَخَذَ قَوْسَهُ وَكِنَانَتَهُ نَهَاراً، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهَا، فَبَرَكَ كِنَانَةُ، وَنَثَرَ كِنَانَتَهُ بِذِي طُوَى، فَرَوَّعَهَا هَبَّارُ بنُ الأَسْوَدِ بِالرُّمْحِ.

فَقَالَ كِنَانَةُ: وَاللهِ لاَ يَدْنُو أَحَدٌ إِلاَّ وَضَعْتُ فِيْهِ سَهْماً.

فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: كُفَّ أَيُّهَا الرَّجُلُ عَنَّا نَبْلَكَ حَتَّى نُكَلِّمَكَ.

فَكَفَّ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ:

إِنَّكَ لَمْ تُصِبْ، خَرَجْتَ بِالمَرْأَةِ عَلَى رُؤُوْسِ النَّاسِ عَلاَنِيَةً، وَقَدْ عَرَفْتَ مُصِيْبَتَنَا وَنَكْبَتَنَا، وَمَا دَخَلَ عَلَيْنَا مِنْ مُحَمَّدٍ، فَيَظُنُّ النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ عَنْ ذُلٍّ أَصَابَنَا، وَلَعَمْرِي مَا بِنَا بِحَبْسِهَا عَنْ أَبِيْهَا مِنْ حَاجَةٍ، ارْجِعْ بِهَا، حَتَّى إِذَا هَدَتِ الأَصْوَاتُ، وَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّا رَدَدْنَاهَا، فَسُلَّهَا سِرّاً، وَأَلْحِقْهَا بِأَبِيْهَا.

قَالَ: فَفَعَلَ، وَخَرَجَ بِهَا بَعْدَ لَيَالٍ، فَسَلَّمَهَا إِلَى زَيْدٍ وَصَاحِبِهِ، فَقَدِمَا بِهَا.

فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ الفَتْحِ، خَرَجَ أَبُو العَاصِ تَاجِراً إِلَى الشَّامِ بِمَالِهِ وَمَالٍ كَثِيْرٍ لقُرَيْشٍ، فَلَمَّا رَجَعَ لَقِيَتْهُ سَرِيَّةٌ، فَأَصَابُوا مَا مَعَهُ، وَأَعْجَزَهُم هَرَباً، فَقَدِمُوا بِمَا أَصَابُوا، وَأَقْبَلَ هُوَ فِي اللَّيْلِ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ، فَاسْتَجَارَ بِهَا، فَأَجَارَتْهُ.

فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالنَّاسُ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ، صَرَخَتْ زَيْنَبُ مِنْ صُفَّةِ النِّسَاءِ:

أَيُّهَا النَّاسُ! قَدْ أَجَرْتُ أَبَا العَاصِ بنَ الرَّبِيْعِ.

وَبَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى السَّرِيَّةِ الَّذِيْنَ أَصَابُوا مَالَهُ، فَقَالَ: (إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ، وَقَدْ أَصَبْتُمْ لَهُ مَالاً، فَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَرُدُّوْهُ، فَإِنَّا نُحِبَّ ذَلِكَ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَهُوَ فَيْءُ اللهِ، فَأَنْتُم أَحَقُّ بِهِ).

قَالُوا: بَلْ نَرُدُّهُ.

فَرَدُّوْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ، فَأَدَّى إِلَى كُلِّ ذِي مَالٍ مَالَهُ، ثُمَّ قَالَ:

يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! هَلْ بَقِيَ لأَحَدٍ مِنْكُم عِنْدِي شَيْءٌ؟

قَالُوا: لاَ، فَجَزَاكَ اللهُ خَيْراً.

قَالَ: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، وَاللهِ مَا مَنَعَنِي مِنَ الإِسْلاَمِ عِنْدَهُ إِلاَّ خَوْفُ أَنْ تَظُنُّوا أَنِّي إِنَّمَا أَرَدْتُ أَكْلَ أَمْوَالِكُم.

ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:

رَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَيْنَبَ عَلَى النِّكَاحِ الأَوَّلِ، لَمْ يُحْدِثْ شَيْئاً.}

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير