تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[السيد محمد الطنطاوي]ــــــــ[06 - 05 - 10, 01:06 م]ـ

قال الألباني رحمه الله في تمام المنة تعليقاً على القول باستحباب السترة:

القول بالاستحباب ينافي الأمر بالسترة في عدة أحاديث ذكر المؤلف أحدها وفي بعضها النهي عن الصلاة إلى غير سترة وبهذا ترجم له ابن خزيمة في " صحيحه " فروى هو ومسلم عن ابن عمر مرفوعا: " لا تصل إلا إلى سترة. . "

وإن مما يؤكد وجوبها أنها سبب شرعي لعدم بطلان الصلاة بمرور المرأة البالغة والحمار والكلب الأسود كما صح ذلك في الحديث ولمنع المار من المرور بين يديه وغير ذلك من الأحكام المرتبطة بالسترة وقد ذهب إلى القول بوجوبها الشوكاني في " نيل الأوطار " (3/ 2) و " السيل الجرار " (1/ 176) وهو الظاهر من كلام ابن حزم في " المحلى " (4/ 8 - 15)

قوله تحت رقم 1 - : " وعن أبي هريرة قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه و سلم: " إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا فإن لم يجد شيئا فلينصب عصا فإن لم يكن من عصا فليخط خطا ولا يضره ما مر بين يديه "

رواه أحمد وأبو داود وابن حبان وصححه كما صححه أحمد وابن المديني وقال البيهقي: لا بأس بهذا الحديث في هذا الحكم إن شاء الله "

قلت: الحديث ضعيف الإسناد لا يصح وإن صححه من ذكرهم المؤلف فقد ضعفه غيرهم وهم أكثر عددا وأقوى حجة ولا سيما وأحمد قد اختلفت الرواية عنه فيه فقد نقل الحافظ في " التهذيب " عنه أنه قال: " الخط ضعيف "

وذكر في " التلخيص " تصحيح أحمد له نقلا عن " الاستذكار " لابن عبد البر ثم عقب على ذلك بقوله: " وأشار إلى ضعفه سفيان بن عيينة والشافعي والبغوي وغيرهم "

وفي " التهذيب " أيضا: " وقال الدارقطني: لا يصح ولا يثبت

وقال الشافعي في سنن حرملة: ولا يخط المصلي بين يديه خطا إلا أن يكون ذلك في حديث ثابت فيتبع "

قلت: وقال مالك في " المدونة ": " الخط باطل "

وضعفه من المتأخرين ابن الصلاح والنووي والعراقي وغيرهم وهو الحق لأن له علتين تمنعان من الحكم بحسنه فضلا عن صحته وهما الاضطراب والجهالة ونفي الاضطراب كما ذهب إليه الحافظ في " بلوغ المرام " لا يلزم منه انتفاء الجهالة كما لا يخفى فكأنه ذهل عنها حين حسن الحديث وإلا فقد اعترف هو في " التقريب " بجهالة راوييه أبي عمرو بن محمد بن حريث وجده حريث

والمعصوم من عصمه الله

وقد فصلت القول في علتي الحديث وذكرت أقوال العلماء الذين ضعفوه في " ضعيف سنن أبي داود " (رقم 107) وقد مضى تمثيل ابن الصلاح به للحديث الشاذ في المقدمة فراجع القاعدة الأولى

وفي قول البيهقي الذي نقله المؤلف إشارة لطيفة إلى تضعيف الحديث حيث قيد قوله: " لا بأس به " ب " في هذا الحكم "

فكأنه يذهب إلى أن الحديث في فضائل الأعمال فلا بأس بالحديث فيها وكأن هذا هو مستند النووي في قوله في " المجموع ": " المختار استحباب الخط لأنه وإن لم يثبت الحديث ففيه تحصيل حريم للمصلي وقد قدمنا اتفاق العلماء على العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال دون الحلال والحرام وهذا من نحو فضائل الأعمال "

قلت: ويرد عليه وعلى البيهقي قول الشافعي المنقول عن " التهذيب " فإنه صريح بأنه رضي الله عنه لا يرى مشروعية الخط إلا أن يثبت الحديث وهذا يدل على أحد أمرين: إما أنه يرى أن الحديث ليس في فضائل الأعمال بل في الأحكام وهذا هو الظاهر من كلامه

وإما أنه لا يرى العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال وهذا هو الحق الذي لا شك فيه وقد بينت ذلك في " المقدمة "

قوله في تحريم المرور بين يدي المصلي وسترته: " وعن زيد بن خالد أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه كان لأن يقوم أربعين خريفا خير له من أن يمر بين يديه

رواه البزار بسند صحيح "

قلت: كلا ليس بصحيح لأن شروط الصحة لم تكتمل فيه فإن منها السلامة من الشذوذ ولم يسلم بل أخطأ أحد رواته وهو ابن عيينة في موضعين الأول: جعل الحديث من مسند زيد بن خالد والصواب أنه من مسند أبي جهيم كما في رواية الجماعة المذكورة في الكتاب قبل هذا وفيها التصريح بأن زيد بن خالد أرسل إلى أبي جهيم يسأله عن هذا الحديث فزيد سائل فيه وليس براو له

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير