ـ[أم محمد الظن]ــــــــ[09 - 10 - 10, 12:15 م]ـ
نفس المصدر السابق
ـ[أم محمد الظن]ــــــــ[10 - 10 - 10, 12:14 م]ـ
4 - وقفت أثناء هذا الشهر على كتاب سماه صاحبه: "تبصير الأمة بحقيقة السنة" للدكتور إسماعيل منصور، أنكر فيه كثيراً من الأحاديث التي تلقاها العلماء بالقبول، واتهم بعض الصحابة كأبي هريرة t بأنه كان ينقل ما لا يفهم، وطعن على الإمام البخاري بقلة الفقه، وأورد أحاديث كثيرة صحيحة، فأنكرها وأبدى لها عللاً قد تدخل على بعض من لم يتعمق في دراسة العلوم الشرعية كحديث: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" وكحديث موسى وملك الموت، وكحديث أن سليمان عليه السلام قال: "لأطوفن على مئة امرأة، كلهن يلدن فارساً يقاتل في سبيل الله" فإن كان وصلك هذا الكتاب فما الرأي فيه؟ وما الجواب عما قد يرد من شبهات حول هذه الأحاديث التي ذكرتها؟
والجواب: أن هذا الكتاب أرسله إليَّ بعض إخواننا في العام الذي صدر فيه (1416هـ)، وقد توقعت ما فيه من قبل أن أقرأه، لأنني خبير بصاحبه منذ أثار ضجة بمقالات له كان ينشرها في "جريدة النور" بعنوان: "تذكير الأصحاب بتحريم النقاب"، فأتى بما يأنف أن يتورط فيه طالب علم صغير، مع إعجاب بالرأي، وتسفيه أهل العلم الكبار، وإنما أغراه بذلك هوان أهل العلم على أنفسهم وعلى الناس، فكل من أراد أن يكتب شيئاً، ولو خالف مذهب جميع أهل العلم كتبه وأذاعه في الناس، وهو آمن تماماً أنه لن يؤاخذ، حتى اتسع الخرق على الراقع، وصار الذي يتجرأ ويرد على هؤلاء غرضاً لسهامهم، وكثيراً ما يفترون عليه، ويلصقون به الحكايات الكاذبة التي تجعل عرضه مضغة في الأفواه، وربما انتهى به الحال إلى السجن، والدين لابد له من حراس يقفون على حدوده يذودون عنه، ويدفعون عنه اعتداء المعتدين، حتى لا يطمع فيه أمثال هؤلاء الجهال،
والأمور كما قال النابغة:
تعدو الذئاب على من لا كلاب له
وتتقي مريض المستثفر الحامي
أما الكتاب الذي يستفهم عنه السائل فقد أرسل إليَّ بعض إخواني الجزء الأول منه، فرأيت صاحبه ينفي فيه السنة ـ إلا من حيث الجملة ـ وذكر في مطلع كتابه أن علماء المسلمين جميعاً، لا يستثنى منهم واحداً، قد غشّوا المسلمين، ولم يقوموا بواجب النصح، فلم يتوقف واحد منهم لمعرفة حقيقة السنة النبوية، وأنهم قدسوا الصحابة والتابعين، مع أنهم غير معصومين من الخطأ، وانفصل على أن السنة لم تُحفظ، ولا تثبُت إلا من حيث الجملة.
ثم يقول: إن ما ارتكبه علماء المسلمين جميعاً ـ لا يستثني منهم واحداً ـ جعل الحمل عليه ثقيلاً، فابتعثه الله عز وجل إلينا في القرن الخامس عشر، ليصحح لنا ما أخطأ فيه جميع العلماء، وقد ارتدى الرجل مُسُوح أهل العلم، وطالع بعض كتب في "الأصول"، فكأن الكلمة أعجبته، فصار يكررها كثيراً في كتبه ليرهب بها العوام، ممن قل حظهم من التفقه في دين الله عز وجل، وكبر معه الأمر حتى صدق أنه "أصولي"، فاضطره ذلك إلى مساورة جبال الحفظ والفهم، وظن أنه "رجل"! فهو رجل وهم رجال، فذكرني صنيعه بما حدث للشاعر "ثابت بن جابر" المعروف بـ "تأبط شراً"، فقد ذكر أبو الفرج في "كتاب الأغاني" (18/ 211) أن "تأبط شراً" لقي ذات مرة رجلاً من "ثقيف" يقال له: "أبو وهب"، وكان رجلاً أهوج، وعليه حُلةٌ جيِّدةٌ، فقال أبو وهب لتأبط شراً: بم تَغلِبُ الرجال يا ثابت وأنت كما أرى دميم وضئيل؟ قال: باسمي إنما أقول ساعة ألقى الرجل: أنا تأبط شراً، فينخلع قلبه، حتى أنال منه ما أردت! فقال له الثقفي: أبهذا فقط؟! قال: قطٌ. قال: فهل لك أن تبيعني اسمك؟ قال: نعم. فبم تبتاعه؟ قال: بهذه الحلة وبكنيتي! قال: له: أفعلُ. ففعلا. وقال تأبط شراً: لك اسمي ولي اسمك، وأخذ حلته وأعطاه طِمْرَيه ثم انصرف، فقال تأبط شراً يخاطب زوجة الثقفي:
ألا هل أتى الحسناء أن حليلها
تأبط شراً واكتنيت أبا وهبِ
فهبه تسمى اسمي وسماني اسمه
فأين له صبري على مُعظم الخطبِ
وأين له بأس كبأسي وسَوْرَتي
وأين له في كل فادحةٍ قلبي
فظن البيطري أنه بمجرد تزييه بزيِّ العلماء، وتكلمه ببعض عباراتهم، أنه منهم، فأربى بذلك على الثقفي!
¥