تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن الرجل تعامل مع هذا النص "بغباءٍ شديد"، فهذا "العنين" يقيس قدرات نبيٍّ من أنبياء الله بقدراته، ويلفت الأنظار إلى هذا الاعتراض الذي أورده، برغم ضحالته وتفاهته، فأي نكارةٍ أن يكون في مقدور نبي أن يجامع مئة امرأة في ليلة واحدة، إذا كان مؤيداً من قبل الله تعالى، ومُعاناً على ذلك، ولا زال العجز عن إتيان النساء معرَّةً عند بني آدم، والقدرة على ذلك من تمام الرجولة وكمال الفحولة، وللأنبياء عليهم السلام تمام الكمالات، فلا ينكر على من أمكنه الله تعالى من رقاب الجن والطير أن يكون له هذا الشيء اليسير الذي هو موجودٌ الآن عند بعض بني آدم. هذا أولاً

ثانياً: أنه زعم أن كلمة "لأطوفن"، غير مهذبة، ونقول: كيف؟ وهي من ألطف الكنايات في الدلالة على هذا الفعل، وهي مثل قوله تعالى:} فلما تغشَّاها حملت حملاً خفيفاً {[الأعراف: 189]، لكن الرجل مصابٌ في ذوقه وفهمه، حتى يرى أن مثل هذه الكناية اللطيفة غير مهذبة، ثم أين في الحديث أن سليمان عليه السلام جمع الناس وأخبرهم أنه سيأتي نساءه الآن؟! ليس في الحديث إلا أنه قال ذلك، فإما قاله بصوتٍ عالٍ كأنه يحدث نفسه، فسمعه صاحبه، أو أنه فاتح صاحبه في ذلك، وعلى الوجهين فليس فيه ما يشين قائله. فلو قال قائل: إنني ما تزوجت إلا ليرزقني الله برجال يتفقهون في دين الله عز وجل، وينشرون السنة بين الخلق أفيعيبه ذلك؟ وهل ترى أيها القارئ ـ صاحب العقل السوي حقاً ـ أن هذا الكلام اشتراطاً على الله عز وجل من قريب أو من بعيد؟ لقد قال سليمان عليه السلام هذه المقالة على سبيل الرجاء والتمني، ولو سلمنا أنه اشترط ذلك على الله، فإن الأنبياء عليهم السلام لا يفعلون إلا شيئاً مأذوناً لهم فيه، وقد ثبت عن النبي r ثبوت الجبل الأشم أنه قال: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره"، فالأنبياء أولى بذلك.

ثالثاً: أن صاحب سليمان كان ملكاً، كما ثبت ذلك في "الصحيح"، وهذا يكذب دعوى "البيطري" أن سليمان عليه السلام قال ذلك لأحد، والله أعلم.

ومجال القول مَهيَعٌ مُتَسِعٌ.

أما الحديث الثاني:

فإنه أعجب وأطم من سابقة، ولم أر قلة توفيق وسداد صاحبت أحداً مثلما صاحبت هذا البيطري.

فقال المسكين تحت عنوان: "أحاديث تخالف مقتضيات العقل السوي" (ص 497 وما بعدها): "من مرويات الحديث ما رواه البخاري ومسلم رضي الله عنهما عن أبي هريرة t ، قال رسول الله r : " جاء ملك لموت إلى موسى بن عمران فقال له: أجب ربك. قال: فلطم موسى عين الملك ففقأها. قال: فرجع الملك إلى الله، فقال: إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت، وقد فقأ عيني. فرد الله عليه عينه وقال: ارجع فقل له: يضع يده على متن ثور، فله بكل ما غطت يده بكل شعرة سنة. قال: أي رب، ثم ماذا؟ قال: ثم الموت. قال: فالآن. فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر".

قال: قال رسول الله r : " فلو كنت ثمَّ، لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر".

علق البيطري على الحديث قائلاً: ونحن نلفت نظر القارئ ـ لا أكثر ـ إلى النقاط التالية:

1 - أن رسول الله r ـ بمقتضى هذه الرواية ـ يحدث أصحابه الأفاضل رضي الله عنهم بهذه القصة ليعلمهم ما فيها من الأحكام الشرعية!! فيا ترى ما هذه الأحكام؟

2 - أن موسى عليه السلام يأتيه ملك الموت ويبين له أنه جاء من عند الله تعالى، ومع ذلك يعتدي عليه! وهو يذكر لنا، لنعلم مدى استهانة نبيٍّ رسولٍ (من أولي العزم) بأمر إلهي يأتيه مع ملك قد تنزل من قبل الله تعالى بهذا الأمر!!

3 - أن الملك ضعيف البنية، لدرجة أن لطمة من يد موسى عليه السلام

تفقأ عينه!

4 - أن موعد الموت قابل للتأجيل تبعاً لظروف كل حالة، وليس كما قال الله سبحانه وتعالى:} فإذا جاء أجلُهُم لا يستأخرونَ ساعةً ولا يستقدمون {[النحل: 61].

5 - أن الملك الموكل بالأمر الإلهي يرجع إلى الله تعالى دون تنفيذ الأمر المكلف به، تبعاً لقدرات الإنسان المرسل إليه، فالاعتداء كلما كان قوياً على الملائكة، كلما حقق أعظم النتائج، حتى في تأجيل الموت نفسه!

6 - أن موسى عليه السلام استطاع أن يرد الإرادة الإلهية برد ملك الموت (وضربه وتأديبه)، فليست القاعدة عند الملائكة هي كما قال تعالى:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير