تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما الآثار المحفوظة عن الصحابة: فالمحفوظ عن عمر بن الخطاب t أنه كان يضع ركبتيه قبل يديه، ذكره عنه عبد الرزاق، وابن المنذر، وغيرهما، وهو المروي عن ابن مسعود t ، ذكره الطحاوي، عن فهد، عن عمر بن حفص، عن أبيه، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن أصحاب عبد الله: علقمة والأسود قالا: حفظنا عن عمر في صلاته أنه خر بعد ركوعه على ركبتيه كما يخر البعير، ووضع ركبتيه قبل يديه، ثم ساق من طريق الحجاج بن أرطأة قال: قال إبراهيم النخعي: حُفِظَ عن عبد الله بن مسعود أن ركبتيه كانتا تقع على الأرض قبل يديه، وذكر عن ابن مرزوق، عن وهب، عن شعبة، عن مغيرة قال: سألت إبراهيم عن الرجل يبدأ بيديه قبل ركبتيه إذا سجد؟ قال: أو يصنع ذلك إلا أحمق أو مجنون!

قال ابن المنذر: وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب، فمن رأى أن يضع ركبتيه قبل يديه: عمر بن الخطاب t ، وبه قال النخعي، ومسلم ابن يسار، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو حنيفة وأصحابه،

وأهل الكوفة.

وقالت طائفة: يضع يديه قبل ركبتيه، قال مالك: وقال الأوزاعي: أدركنا الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم. قال ابن أبي داود: وهو قول أصحاب الحديث. قلت: وقد رُوِىَ حديث أبي هريرة بلفظ آخر ذكره البيهقي، وهو إذا سجد أحدكم، فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه على ركبتيه".

قال البيهقي: فإذا كان محفوظاً، كان دليلاً على أن يضع يديه قبل ركبتيه عند الإهواء إلى السجود.

وحديث وائل بن حجر أولى لوجوه:

أحدها: إنه أثبت من حديث أبي هريرة، قال الخطابي، وغيره.

الثاني: أن حديث أبي هريرة مضطرب المتن كما تقدم، فمنهم من يقول فيه: وليضع يديه قبل ركبتيه، ومنه من يقول بالعكس، ومنهم من يقول وليضع يديه على ركبتيه، ومنهم من يحذف هذه الجملة رأساً.

الثالث: ما تقدم من تعليل البخاري والدار قطني وغيرهما.

الرابع: أنه على تقدير ثبوته، قد ادعى فيه جماعة من أهل العلم النسخ، قال ابن المنذر: وقد زعم بعض أصحابنا أن وضع اليدين قبل الركبتين منسوخ، وقد تقدم ذلك.

الخامس: أنه الموافق لنهي النبي r عن بروكٍ كبروكِ الجمل في الصلاة، بخلاف حديث أبي هريرة.

السادس: أنه الموافق للمنقول عن الصحبة، كعمر بن الخطاب، وابنه،

وعبد الله بن مسعود، ولم يُنقل عن أحدٍ منهم ما يوافق حديث أبي هريرة،

إلا عن ابن عمر رضي الله عنهما، على اختلاف عنه.

السابع: أن له شواهد من حديث ابن عمر وأنس كما تقدم، وليس لحديث أبي هريرة شاهد، فلو تقاوما لقُدِّم حديث وائل بن حجر من أجل شواهده، فكيف وحديث وائل أقوى كما تقدم؟!

الثامن: أن أكثر الناس عليه، والقول الآخر إنما يُحفظ عن الأوزاعي ومالك، وأما قول ابن أبي داود: إنه قول أهل الحديث، فإنما أراد به بعضهم، وإلا فأحمد والشافعي وإسحق على خلافه.

التاسع: أنه حديثٌ فيه قصةٌ محكيةٌ سيقت لحكاية فعله r فهو أولى أن يكون محفوظاً؛ لأن الحديث إذا كان فيه قصةٌ محكيةٌ، دل على أنه حفظ.

العاشر: أن الأفعال المحكية فيه كلها ثابتة صحيحة من رواية غيره، فهي أفعال معروفة صحيحة، وهذا واحد منها، فله حكمها، ومعارِضُهُ ليس مقاوماً له فيتعين ترجيحه، والله أعلم". انتهى كلامه

* قلتُ أي الشيخ حفظه الله: فليس هذا البحث ـ أيها الإمام ـ من لآلئ مبتكراتك، ولا من نفيس مخبآتك، وأن لم يخلُ ـ كعادتك ـ من حسن عرض الأدلة وترتيبها، فلذلك اغتر به خلقٌ، ظناً منهم أنه كسائرأبحاثك في استيفاء الحُجج، وتحرير المقام. ولا عجب أن يكون لك في قلوب من جاء بعدك من التبجيل والإكبار ما أنته له بأهلً، لِما عُرِفت به من كثرة الإنصاف في كلامك، واستيفاء الأدلة، مع الإتيان بوجوهٍ من الاحتجاج لم تُسبَق إليها، حتى عدك حافظ الديار المصرية ابن حجر العسقلاني الحسنة العظيمة لشيخ الإسلام ابن تيمية، والتي يرقى بها ابن تيمية إلى ذرى المجد، على فرض أن ليس له حسنة غيرك. فقال كما في "الرد الوافر" لابن ناصر الدين الدمشقي، قال الحافظ: "ولو لم يكن للشيخ تقي الدين من المناقب إلا تلميذه الشهير الشيخ

شمس الدين بن قيم الجوزية صاحب التصانيف النافعة السائرة التي انتفع بها الموافق والمخالف، لكان غايةٌ في الدلالة على عظم منزلته". انتهى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير