تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أم محمد الظن]ــــــــ[11 - 10 - 10, 11:36 ص]ـ

سمعت منكم في أثناء شرح "صفة الصلاة النبي r" للشيخ الألباني أنكم تنصرون النزول من الركوع إلى السجود على اليدين، ولكنني قرأت بحثاً لابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" ينصر النزول على الركبتين، وبحثه قوي جداً ويصعب رد أدلته، فما جوابكم عن ذلك؟

الجواب: أن بحث ابن القيم رحمه الله تعالى هذا قرأته قديماً وكنت على اقتناع كامل به، حتى وقعت لي واقعة اضطررت بسببها أن أبحث الموضوع، فإذا هو ضعيف برغم قوته الظاهرة فصنفت في الرد عليه جزءاً سميته: "نهي الصحبة عن النزول بالركبة"، فأنا أذكر خلاصته هاهنا ذاكراً كلام ابن القيم أولاً، ثم أعقب بردي عليه رحمه الله تعالى.

قال الإمام المحقق في "زاد المعاد" (1/ 222 - 231) في وصف صلاة

النبي r: " وكان r يضع ركبتيه قبل يديه، ثم يديه بعدهما، ثم جبهته وأنفه، هذا هو الصحيح الذي رواه شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر:" رأيت رسول الله r إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه". ولم يروِ في فعله ما يخالف ذلك. وأما حديث أبي هريرة يرفعه: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه". فالحديث ـ والله أعلم ـ قد وقع فيه وهمٌ من بعض الرواة، فإن أوله يخالف آخره، فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه، فقد برك كما يبرك البعير، فإن البعير إنما يضع يديه أولاً، ولما علم أصحاب هذا القول ذلك.، قال: ركبتا البعير في يديه لا في رجليه، فإذا هو برك وضع ركبتيه أولاً، فهذا هو المنهي عنه، وهو فاسدٌ لوجوه:

أحدهما: أن البعير إذا برك فإنه يضع يديه أولاً، وتبقى رجلاه قائمتين، فإنه ينهض برجليه أولاً، وتبقى يداه على الأرض، وهذا هو الذي

نهى عنه r ، وفعل خلافه، وكان أول ما يقع منه r على الأرض الأقربُ منها فالأقرب، وأول ما يرتفع عن الأرض الأعلى فالأعلى.

وكان يضع ركبتيه أولاً، ثم يديه، ثم جبهته، وإذا رفع، رفع رأسه أولاً،

ثم يديه، ثم ركبتيه. وهذا عكس فعل البعير، وهو r نهى في الصلاة عن التشبه بالحيوانات، فنهى عن بروكٍ كبروك البعير، والتفاتٍ كالتفات الثعلب، وافتراشٍ كافتراش السبع، وإقعاءٍ كإقعاء الكلب، ونقرٍ كنقر الغراب، ورفع الأيدي وقت السلام كأذنابِ الخيل الشُّمُسِ فهَديُ المصلي مخالف لهديِ الحيوانات.

الثاني: أن قولهم: رُكبتا البعير في يديه كلامٌ لا يُعقل، ولا يعرفه أهل اللغة وإنما الركبة في الرجلين، وإذا أطلق على اللتين في يديه اسم فعلى سبيل التعذيب.

الثالث: أنه لو كان كما قالوه، لقال: فليبرك كما يبرك البعير، فإن أول ما يمس الأرض من البعير يداه، وسر المسألة أنه من تأمل بروك البعير وعلم أن النبي r نهى عن بروكٍ كبروكِ البعير، علم أن حديث وائل بن حجر هو الصواب، والله أعلم.

وكان يقع لي أن حديث أبي هريرة كما ذكرنا مما انقلب على بعض الرواة متنه وأصله، ولعله: "وليضع ركبتيه قبل يديه" كما انقلب على بعضهم حديثُ ابن عمر: "إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم" فقال: "إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال". وكما انقلب على بعضهم حديث: "لا يزالُ يُلقى في النار فتقول: هل من مزيد ... " إلى أن قال: "وأما الجنة فُينشئُ الله لها خلقاً يسكنهم إياها". فقال: حتى رأيت أبا بكر بن أبي شيبة قد رواه كذلك، فقال ابن أبي شيبة: حدثنا محمد بن فُضيل، عن عبد الله بن سعيد، عن جده، عن أبي هريرة، عن النبي r قال: "إذا سجد أحدُكُم فليبدأ بركبتيه قبل يديه، ولا يَبرُك كبروك الفَحلِ".

ورواه الأثرم في "سننه" وأيضاً عن أبي بكرٍ كذلك، وقد رُويَ عن

أبي هريرة عن النبي r ما يُصدِّق ذلك، ويوافق حديث وائل بن حُجر، قال ابن أبي داود: حدثنا يوسف بن عدي، حدثنا ابن فُضيل ـ هو محمد ـ عن عبد الله بن سعيد، عن جده، عن أبي هريرة t أن النبي r كان إذا سجد بدأ بركبتيه قبل يديه.

وقد روى ابن خزيمة في "صحيحه" من حديث مصعب بن سعد، عن أبيه قال: كنا نضع اليدين قبل الركبتين، فأُمِرنا بالركبتين قبل اليدين. وعلى هذا فإن كان حديث أبي هريرة محفوظاً، فإنه منسوخ، وهذه طريقة صاحب "المُغني" وغيره، ولكن للحديث علتان:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير