تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد ألمح ابن المنذر إلى رد كلام ابن خزيمة، فقال في "الأوسط" (3/ 167): وقد زعم بعض أصحابنا أن وضع اليدين قبل الركبتين منسوخ وقال هذا القائل: "حدثنا إبراهيم بن إسماعيل ... " وساق إسناد ابن خزيمة السابق.

وقال الحافظ في "الفتح" (2/ 291):

"وقد ادعى ابن خزيمة النسخ، ولو صح حديث النسخ لكان قاطعاً للنزاع، لكنه من أفراد إبراهيم بن إسماعيل بن سلمة بن كهيل، عن أبيه

وهما ضعيفان".

وقال الحازمي:

"أما حديث سعد، ففي إسناده مقال، ولو كان محفوظاً، لدل على النسخ، غير أن المحفوظ: حديث التطبيق، والله أعلم".

وقال النووي في "المجموع" (3/ 422):

"لا حجة فيه؛ لأنه ضعيف".

* قُلتُ: فنخلص من كلام هؤلاء العلماء إلى أن هذا الحديث وَهَمٌ غير محفوظ، وإنما المحفوظ هو ما رواه مصعب بن سعد، قال: "صليت إلى جنب أبي، فطبَّقتُ بين كفيَّ، ثم وضعتهما بين فخذيَّ، فنهاني أبي وقال: كنا نفعله فنهينا عنه وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب".

أخرجه البخاري (2/ 273)، ومسلم (535/ 29)، وأبو عوانة (2/ 182) وأبو داود (767)، والنسائي (2/ 185)، والترمذي (259)، وابن ماجة (873)، والدارمي (2/ 298)، وأحمد (1/ 182)، والطيالسي (207)، وعبد الرزاق (2/ 152)، وابن أبي شيبة (1/ 244) كلاهما في "المصنف"، والحميدي (79)، والهيثم بن كليب (ق14/ 1) كلاهما في "المسند" والدورقي في "مسند سهد" (ق9/ 2)، والبزار (97 ـ مسند سهد)،

وابن خزيمة (1/ 302)، والطحاوي في "شرح المعاني" (1/ 230)، والبيهقي (2/ 83، 84)، والحازمي في "الاعتبار" (ص 234) من طريقين، عن مصعب بن سعد، عن أبيه وقد اعترف ابن القيم بكل هذا الذي تقدم، ثم هو بعدُ يذكرُ دعوى النسخ!! وقد تبين ذلك أنها كسرابٍ بقيعة!

الوجه الخامس:

قولك: "أنه المتواتر لنهي النبي r عن بروك البعير ... "

فالجواب: أن ابن القيم وصف بروك البعير بقوله: إن البعير إذا برك فإنه يضع يديه أولاً ... إلخ" ونتساءل: كيف يقال: يضع يديه، ويداه موضوعتان على الأرض دائماً، إذ هو يمشي على أربع، فلو كانت يداه مرفوعتين عن الأرض مثل الإنسان، لساغ مثل هذا القول، وهذا بديهيٌ جداً، اضُطرِرت إلى تسطيره اضطراراً رفعاً للمغالطة، وحينئذٍ،

فالصواب أن يقال: إن أول ما يصل إلى الأرض من البعير إذا أراد أن يبرك .. ركبتاه، ولا نقول كما قال ابن القيم: إن أول ما يمس الأرض من البعير يداه! فإنه لا مدخل لليد ولا للرجل هنا؛ ولأن هذا القول مُلزمٌ مُفحِمٌ، حاد عنه ابن القيم رحمه الله فقال متخلصاً منه: "وقولهم: ركبة البعير في يده كلامٌ لا يعقل، ولا يعرفه أهل اللغة".

فأنت ـ أيها الإمام ـ سلَّمت أن البعير يبرك على ركبتيه، ولكنها ليست في يده، وأنكرت أن يعرف أهل اللغة ذلك، ولثقتك الكاملة في الإنكار، تبعك كل من تكلم في هذه المسألة.

والواقع أنك ـ رضي الله عنك ـ سهَّلت علينا الجواب بهذا الإنكار، إذ صار الحكم بيننا وبينك هم أهل اللغة، فهذا يعني: أن الرجوع إلى كلامهم رافعٌ للاختلاف من أُسِّه.

فسننقل كلامهم، ثم نتبعه بما حضرنا من الأحاديث الصحيحة التي تبين أن ركبة البعير في يده، وأن البروك لا يكون إلا على الركبة، وإنه لا يستساغ لا في اللغة، ولا في العرف أن يقال: فلان برك على يده!!

قال ابن سِيْدَةَ في "المحكم والمحيط الأعظم" (7/ 16):

"وكل ذي أربع: ركبتاه في يديه، وعرقوباه في رجليه".

وقال الأزهري في "تهذيب اللغة" (10/ 216):

"وركبة البعير في يده، وركبتا البعير: المفصلان اللذان يليان البطن إذا برك، أما المفصلان الناتئان من خلفٍ فهما العرقوبان".

وقال ابن منظور في "لسان العرب" (14/ 236):

"وركبة البعير في يده".

وقال ابن حزم في "المُحلَّى" (4/ 129):

"وركبة البعير هي في ذراعيه".

وكلام أئمة اللغة من أصحاب "المعاجم" كثير، وفيما ذكرناه كفاية، لمن وفقه الله ونبذ التعصب لرأيه ظهرياً، فمناط الأمر هو الركبة، وليس لليد ـ يعني يد البعير ـ دخلٌ في البحث أصلاً، والله أعلم.

أما الدليل من السنة على أن ركبة البعير في يده، فهو:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير