عن أبي عروة، عن أبي عمار، عن أنس بن مالك قال: كنت جالساً عند رسول الله r ذات يوم، فدخل رجل من غفار، ثم خرج من المسجد فقال له النبي r : " أصليت"؟ فقال: نعم، فقال r : " إنك لم تُصلِ" أعاد ذلك مرتين، ففزع الرجل، فأتى عمر فقال: ما لك؟ قال: هلكت، صليت مرتين فمررت بالنبي r كلما مررت به قال: "أصليت"؟ قلت: نعم، قال: "لم تُصلِ". قال له عمر: ويحك، ائت أبا بكر، فأتى أبي بكر، فقال له مثل ذلك، فقال: ائت علياً، فأتى علياً فقال له مثل ذلك. فقال: ألا تخبرني حين توضأت سميت؟ قال: لا. قال: فاذهب فخذ إناءك، فإذا صببت على يديك فسمِ ثم صلِ، ثم مُر بالنبي r فانظر إن قال لك مثلها فارجع إليَّ. فذهب الرجل فتوضأ فسمى، فلما صلى خرج، فضحك النبي r إليه، وقال له: "الآن حين صليت".
* قلتُ: وأبو عروة عندي هو معمر بن راشد، وآفة هذا الإسناد هي أبو عمار واسمه: زياد بن ميمون، وهو ساقط البتة، كذبه يزيد بن هارون، فقد كان وضاعاً.
قال بشر بن عمر الزهراني: "سألت زياد بن ميمون أبا عمار عن حديثٍ لأنسٍ؟ فقال: أحسبوني كنت يهودياً أو نصرانياً، قد رجعت عما كنت أحدث به أنس، لم أسمع من أنس شيئاً".
وقال البخاري: "تركوه".
ووهاه أبو زرعة وغيره.
وقال ابن معين: "لا يساوي قليلاً ولا كثيراً".
سابعاً: حديث سهل بن سعد t :
أخرجه ابن ماجة (400) وابن أبي عاصم ـ كما في "نكت الأذكار" للسيوطي (4/ 2 - 1) ـ، وابن السماك في "حديثه" (ق 235/ 1)، والدارقطني (1/ 355) مقتصراً على الفقرة الثالثة منه، والحاكم (1/ 269)، والطبراني في "الكبير" (ج6/ 5698)، والبيهقي (2/ 379) من طريق عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبيه عن جده مرفوعاً: "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن يذكر اسم الله عليه،
ولا صلاة لمن لم يُصلِ على النبي، ولا صلاة لمن لا يحب الأنصار".
* قلتُ: وهذا خبرٌ منكرٌ، وسنده ضعيف جداً.
وعلته عبد المهيمن هذا، فإنه متروك.
قال الحاكم: "لم يخرج هذا الحديث على شرطهما؛ لأنهما لم يخرجا عبد المهمين".
وقال الذهبي: "عبد المهيمن واهٍ".
وقال الدارقطني عقبه: "عبد المهيمن ليس بالقوي". ولكنه لم يتفرد بمحل الشاهد.
فتابعه أخوه أُبيُ بن العباس، عن أبيه، عن جده مرفوعاً بالفقرتين الأوليين دون الأخيرتين.
أخرجه الطبراني في "الكبير" (ج6/رقم 5699)، وفي "الدعاء" (ق 46/ 2)، ومن طريقه الحافظ في "النتائج" (1/ 234)، ولم يتكلم عليه المناوي بشيء في "الفيض" (6/ 440).
وقال الشوكاني في "النيل" (1/ 160):
"أُبيُ مختَلفٌ فيه".
وقال الحافظ عقب تخريجه له: "عبد المهيمن ضعيف، وأخوه أُبيُ الذي سُقتَه من روايته أقوى منه".
* قلتُ: ولا يفهم من قول الحافظ هذا أنه يقوي أبي بن العباس، إنما ساق مقالته مساق المقارنة، إذ الراجح في "أُبيُ" أنه ضعيف، وأخوه "عبد المهيمن" أنه متروك، فالضعيف أقوى من المتروك بلا ريب.
وله طريقٌ آخر:
أخرجه الروياني في "مسنده" (ج28/ق177/ 1) قال: حدثنا ابن إسحاق، نا محمد بن عمر، نا عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة، عن عباس بن سهل، عن أبيه سهل بن سعد مرفوعاً فذكره.
وسنده واهٍ، ومحمد بن عمر هو الواقدي وهو متروك، والله أعلم.
ثامناً: حديث عائشة رضي الله عنها:
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 3)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (ج4/ق115/رقم 456)، وكذا (ج8/رقم 46877، 4796، 4864)، والبزار (ج1/رقم 261)، والطبراني في "الدعاء" (ق 46/ 2)، وابن عدي في "الكامل" (2/ 616) والدارقطني (1/ 72) من طريق حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة، قالت: "كان رسول الله r يقوم إلى الوضوء، فيسمي الله حتى يكفئ الإناء على يديه، ثم يتوضأ فيسبغ الوضوء".
وهو عند بعضهم مختصر.
* قلت: وهذا سندٌ ضعيف.
وحارثة هو ابن عبد الرحمن، كان أحمد يضعفه ولا يعتد به.
وقال البخاري وأبو حاتم: "منكر الحديث".
زاد أبو حاتم: "ضعيف الحديث".
وتركه النسائي.
وكان الإمام أحمد رحمه الله ينتقد إسحاق بن راهويه أنه أخرج هذا الحديث
في "مسنده".
قال الحربي: "قال أحمد: هذا يزعم أنه اختار أصح شيء في الباب، وهذا أضعف
حديث فيه"!!
¥