تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن تأمل هذه المواضع علم أن الذي رواه عن الطيالسي بالتصريح باسم محمد بن عمرو بن كعب هو هارون بن عبد الله، وهو ثقة، لكنه خالف البخاري والنسائي وابن بشار، فكلهم قالوا: محمد بن أُبي بن كعب، لكن في روايتهم إشكال آخر، فقد ذكروا قوله: "كان لجدي جرين" مما يدل على أنه حفيد، فإن كان حفيدًا لأُبي فيكون بينه وبين أُبيّ أب له، وهذه الرواية سمته عَمرًا، وإن كان ابنًا لأُبي حفيدًا لكعب؛ فقد سبق أن كعبًا لم يُذْكر في الصحابة ...... الخ.

لكن على كل حال فالنفس لا تطمئن إلى ذكر عمرو بين محمد وأُبَي؛ لمخالفة هارون لهؤلاء الثلاثة الكبار، ولما هو معروف عن أولاد أُبَيّ، فالمعروف من أولاد أُبي: الطفيل – وبه يُكنى- ومحمد، وعبد الله، والأولان يُحتج بهما، والثالث لا يُحتج به.

بقي أن يقال: هل قوله: "كان لجدي جرين" محفوظ؟ في نفسي شيء للإشكالات السابقة، فهل هو سبق قلم أو خطأ آخر؟ الله أعلم، فإن الأمر جالب للحيرة، حتى قال شيخنا الألباني – رحمه الله تعالى- أثناء كلامه على الاختلاف في المراد بمحمد هذا؟: "وهذا اختلاف شديد، يقف الباحث أمامه حيران لا يستطيع الجزم بشيء منه! " اهـ من "الصحيحة" (7/ 740/برقم3245) وإن كان قد رجح – رحمه الله- رواية من قال: "محمد بن أبي بن كعب، قال: كان لجدي ... " ثم قال: "هذا رأيي، ولكني لم أجد في الحفاظ المتقدمين من احتفل به، مثل الحافظ المزي والعسقلاني؛ فإنهما لم يترجما في "التهذيب" إلا لمحمد بن أُبَيّ بن كعب، لأنه هو المسمَّى عند النسائي دون محمد بن عمرو بن أُبيّ كما تقدم، فقالا: (محمد بن أبي بن كعب الأنصاري، أبو معاذ المدني، ويقال: محمد بن فلان ابن أُبَي ... ) فأشارا بقولهما: (فلان) إلى (عمرو) وإلى أن ذكْره بين (محمد) و (أُبي بن كعب) لا يصح ..... " إلى أن قال: "والذي يتبين لي من هذا البحث –وقد طال أكثر مما كنت أتصور-: أنه لم يتبين لي أن (ابن أبي بن كعب) هو (محمد) الابن، أم (محمد) الحفيد؟! مع جزم العسقلاني بأنه الأول، وقد وثقه ابن سعد (5/ 76) وابن حبان، كما تقدم، والآخر لم يوثقه إلا ابن حبان" اهـ.

- وقد جاء الحديث عن يحيى بن أبي كثير عن الحضرمي بن لاحق عن محمد – قال: كان أبي بن كعب جد محمد– قال: كان لأبي جُرْن من طعام ........ وفيه ذِكْر الصباح والمساء.

أخرجه النسائي في "الكبرى" (6/ 239/برقم10798) وفي "عمل اليوم والليلة" برقم (962) من طريق شيبان عن يحيى به، وكذا الشاشي في "مسنده" (3/ 340/1450) من طريق شيبان به.

ورواه البخاري مختصرًا في "التاريخ الكبير" (1/ 27 - 28) من طريق أبان عن يحيى، وفيه: (محمد بن أبي بن كعب أن أبيًّا) وكذا رواه الطبراني في "الكبير" (1/ 201/برقم541) من طريق أبان عن يحيى به، وفيه: (محمد بن أبي عن أبيه) مع ذكر الصباح والمساء، وكذا أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1/ 192/690) من طريق أبان به، وكذا المقدسي في "المختارة" (4/ 33 - 34/برقم1260) من طريق أبان به، وشيبان ثقة صاحب كتاب، وفي روايته: (وكان أبي بن كعب جد محمد) وأبان ثقة له أفراد.

فالذي ينظر في هذا يجد أن قول شيبان أولى، لاسيما وقد تابعه حرب بن شداد كما سبق عند النسائي في "الكبرى" وفي "عمل اليوم والليلة" إلا أن ذكر الجد هنا مشكل لما سبق من كونه لا يصح حمله على والد أُبي، وهو كعب بن قيس الذي لم يعرف إسلامه أصلاً، ولو حملناه على حفيد أُبي؛ فالمزي والعسقلاني لم يرجحا ذلك، وهما حافظان، وأيضًا فلم أقف على ذكر رواية محمد بن عمرو بن أبي عن جَدِّه أُبي فيما تناولته يدي من كتب الرجال، مع أني لم أنشط للتوسع في بحث ذلك، أقول هذا للأمانة العلمية، فلعله لو توسع أحد رأى شيئًا آخر، وكذا لم أقف على نص يدل على رواية الحضرمي بن لاحق عن محمد بن عمرو بن أُبي هذا، فلْيُنظَر ذلك، والذي في "التاريخ الكبير" للبخاري، و"الجرح والتعديل" للرازي، و"الثقات" لابن حبان كل ذلك يؤكد ما قلْتُه، فإنهم ذكروا رواية محمد بن عمرو بن أُبي عن أم الطفيل امرأة أبيّ، ولم يذكروا روايته عن أُبي، وقد سبق أن ذكر محمد بن عمرو بن أبي غير محفوظ، إنما الإشكال في الرواية التي ذكرت أن أبيًّا هو جدُّ محمد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير