تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد قال عبد الله بن يوسف الجديع في تعليقه على (المقنع) (2/ 487 – 488): (ومن الجدير بالتنبيه عليه هنا: أنه وقع في كلام كثير من المتقدمين تسمية هذا النوع [يعني المرسل الخفي] تدليساً، وإنما أرادوا به هذا النوع من الإرسال؛ فمن صنف في التدليس من المتأخرين راعى لفظ التدليس ولم يمعن النظر في حقيقة المراد منه فجاء من جُلُّ بضاعتهم في التحقيق الحديثي دراسة بعض كتب المصطلح من غير خبرة بمناهج أئمة الشأن، فحملوه على التدليس الاصطلاحي، فعللوا الكثير من الأحاديث الصحيحة المتصلة، اعتماداً على وصف التدليس الذي أطلقه بعض المتقدمين من الأئمة، وفاتهم معرفة حقيقة المراد من ذلك الوصف في حق كثير من الرواة خاصة من طبقة التابعين.

لذا فإني أنصح المشتغل بهذا العلم أن لا يقبل وصف الراوي بالتدليس إلا بعد معرفة المراد منه، هل أريد به التدليس الاصطلاحي أم الإرسال الخفي). انتهى.


الهوامش:
(1) تتمة كلامه هي:
(رابعاً: أنَّ حصْرَ الحافظ ابن حجر ومن جاء بعده لـ (التدليس) في (رواية الراوي عمن سمع منه ما لم يسمعه منه)، وكذلك تسميته (رواية المعاصر عمن لم يلقه) إرسالاً خفياً، ذلك كله وما تبعه من نتائج: خطأ محْضٌ، مخالف لمصطلح المحدثين.

خامساً: أن حكم الراوي (المدلس) تدليسَ (رواية المعاصر عمن لم يلقه) المكثر من ذلك: أن يُتوقف في صحة سماعه - غالباً - من المعاصر له فلا تقبل عنعنته حينها، حتى يثبت لنا لقاء له مجمل بذلك المعاصر، كأن يصرح بالسماع في أحد أحاديثه عنه.
ولا بد أن يكون لهذا الحكم في الذي عرف بـ (الرواية عن معاصر لم يلقه) شذوذات قد يقبل فيها الأئمة (عنعنته) عن معاصر لم يثبت لنا لقاؤه به، لمسوِّغات خاصة بكل مسألة). انتهى.

(2) ولكن قد يقال: من كان مكثراً عن شيخ فلا بد أن يتداول أهل الحديث صفة مروياته عنه من حيث الاتصال والانقطاع فيبعد أن يبقى إرساله عنه بعدئذ غير معروف عند النقاد.

(3) تنبيه:
قال الذهبي في (تذكرة الحفاظ) (1/ 248 - 250) في هشيم بن بشير: "لا نزاع في أنه كان من الحفاظ الثقات إلا أنه كثير التدليس فقد روى عن جماعة لم يسمع منهم 000 ".
قلت: إن أراد الذهبي أن هشيماً لم يسمع منهم أصلاً فالذهبي هنا قائل بقول من يسمي الإرسال الخفي تدليساً، إلا إن كان هشيم قد أوهم الناس أنه قد سمع من تلك الجماعة في الجملة؛ وأما إن أراد الذهبي أنه لم يسمع منهم بعض ما حدث به عنهم فقوله كقول الجمهور.
"

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[10 - 03 - 06, 11:18 م]ـ
أسباب تدليس الاسناد
لتدليس الإسناد أسباب دفعت إليه أو أغراض دعت إليه؛ أذكر أهمها فيما يلي:

السبب الأول: إرادة إخفاء الانقطاع وإيهام الإتصال، مع التخلص من ذكر راو مرغوب عن ذكره إما لطعن فيه أو لجهالته أو لصغره أو لنزول السند به أو لأية علة إخرى تجعله مرغوباً في الرواية عنه؛ فيدلسون ترويجاً لتلك الأحاديث بين الرواة وترغيباً لهم في سماعها منه طلباً للشهرة أو الإغراب أو لمعاني أخرى، كنصرة المذهب؛ وذلك بأن يسمع حديثاً من راو ضعيف أو متروك أو متهم أو وضاع يرويه بإسناد صحيح أو مقبول في الجملة فيدلسه ويروي الحديث عن شيخ ذلك الوضاع؛ ولهذا فإن هذا النوع من التدليس يكون أحياناً سبباً لإسقاط صاحبه وذلك إذا وجدت فيه شروط أخرى ليس هذا موضع تفصيل الكلام فيها.

السبب الثاني: إرادة إيهام العلو إما لترغيب الناس بتلك الرواية؛ فالرواة - كما هو معلوم - لهم من الحرص على سماع الأحاديث العالية ما ليس لهم مثله في الأحاديث النازلة؛ وإما للتشبع بذلك العلو المتوهَّم؛ وهذا لا يصح شرعاً قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (من تشبع بما لم يعط كان كلابس ثوبَي زور).

السبب الثالث: إرادة اختصار السند؛ فإن كثيراً من علماء التابعين كان يروي الأحاديث في معرض احتجاجه أو استشهاده أو استئناسه بها في فتوى أو خطبة أو موعظة أو تفسير آية أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر، فكان لا يحرص على سياقة السند كاملاً لأن المقام ليس مقام تحديث كما هو الشأن في أحاديث المحدثين الذين جاءوا بعد التابعين وكانوا يعقدون المجالس المختصة برواية الأحاديث وسردها بأسانيدها. فهؤلاء مقصدهم الأساس السند، وأولئك مقصدهم الأساس المتن؛ وكان يناسبهم في مثل تلك المقامات المذكورة الاختصار، ولذلك كثر في مروياتهم الإرسال، ولا تكاد تجد تابعياً من المكثرين إلا وفي أحاديثه مراسيل قليلة أو كثيرة.
ولهذا كان جماعة منهم إذا سئلوا عن أسانيد أحاديثهم التي أرسلوها أو دلسوها أحالوا على الثقات فلم يكن ذلك قادحاً؛ وفي (تاريخ ابن أبي خيثمة) عن الأعمش قال: قلت لإبراهيم: إذا حدثتني عن عبد الله فأسندْ لي، قال: إذا قلت: (قال عبد الله) فقد سمعته من غير واحد من أصحابه، وإذا قلت: حدثني فلان فقد حدثني فلان.

السبب الرابع: نسيان الراوي أو شكه أو تردده فيمن حدثه؛ وذلك أن يشك الراوي في الذي حدثه ببعض الأحاديث عن شيخه فيدلسها ويرويها عن شيخه من غير أن يذكر الواسطة التي هي شيخه في ذلك الحديث بعينه.
ومن ذلك أن تختلط أحاديث المدلس عن شيخ معين له بأحاديثه عن راو آخر عن ذلك الشيخ نفسه فلا تسمح نفسه بتركها ولا بروايتها على الشك بل يرويها كلها عن شيخه من غير أن يذكر واسطة فيكون قد دلس وهذا في الحقيقة أقرب إلى الكذب منه إلى التدليس.

وانظر تتمة لهذه القضية في الرابط التالي:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=72279&highlight=%C7%E1%CA%CF%E1%ED%D3
"
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير