تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- 12 -

اعتبار كون الراوي مدلساً يشتد في الأخبار التي يرويها عمن هو مقل عنهم؛ انظر كلام المعلمي في حاشية (الفوائد المجموعة) (ص349) وانظر (النقد الصريح) لعمرو عبد المنعم سليم (ص116).

- 13 -

ذكر الدكتور ناصر الفهد في ختام بحوثه في كتابه (منهج المتقدمين في التدليس) خلاصة تلك البحوث فقال:

1ـ إن أساس منهج المتقدمين في أحكامهم على الحديث في الجملة قائم على الاستقراء الواسع والتتبع والسبر والمقارنة مع طول اشتغال بهذا العلم وحفظه ومذاكرته ومدارسته الأئمة.

2ـ إن التدليس له عدة صور، وكل صورة لها حكم خاص، بل لكل مدلس حكم خاص تقريباً. فهناك من التدليس ما يلحق بالإرسال؛ وهناك من التدليس ما لا ينظر فيه إلى (الصيغة) وذلك مثل (تدليس الشيوخ) و (الأخذ من الصحيفة)؛ وهناك من التدليس ما يكون عاماً؛ وهناك ما هو خاص براوٍ معين؛ وهناك من الروايات ما يؤمن فيها من التدليس، لأنها من رواية المدلس عن شيوخ معينين أو من روايات شيوخ معينين عن المدلس؛ وكل هذا يعرف بدراسة حال المدلس وأقوال الأئمة فيه واعتبار رواياته.

3ـ إن (صيغ التحديث والأداء) يلحقها (التغيير) كثيراً، فالعنعنة في الغالب تكون ممن دون المدلس أو الراوي عموماً، كما أن التصريح بالتحديث أحياناً قد يكون وهماً ممن دون المدلس، فالحكم بالتدليس بناءاً على العنعنة فقط خطأ؛ والحكم بالاتصال بناءاً على وجود طريق فيه التصريح بالتحديث فقط – مع مخالفتها جميع الطرق – خطأ، ومعرفة هذه الأمور تكون باستقراء الروايات مع معرفة حال الرواة بدقة.

4ـ إن طريقة المتقدمين في حكمهم على روايات المدلسين المعنعنة تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: الرد، وهو في حالتين:

الحالة الأولى: أن يكون قام الدليل على أن حديثه هذا بعينه مدلس؛ وهذا يعرف بعدد من الوجوه ذكرتها في الفصل الرابع.

الحالة الثانية: أن لا يعلم وجود التدليس ولكن تكون في الحديث علة فتحمل هذه العلة على احتمال وجود التدليس.

القسم الثاني: القبول، وهو فيما عدا ذلك.

وهذا ما ظهر لي بعد طول بحث وتأمل في طريقة السلف والأئمة في هذا الباب). انتهى.

"

ـ[ابو عبد الله السلفي]ــــــــ[12 - 03 - 06, 06:08 م]ـ

جزاك الله خيرا يا اخي الفاضل الكريم على ما تفيد به اخوتك طلبة الحديث حاول تضع هذا البحث في الورد بارك الله فيك لاني اريد منه نسخة اراجع منها فوائد المصطلح.

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[12 - 03 - 06, 06:47 م]ـ

"

بارك الله فيك.

أما وضع هذا الموضوع في ملف وورد، فلعل ذلك يتيسر عند اكتماله، إن شاء الله تعالى ...

***********************************************

(14)

من كان مدلساً ولكنه كان لا يدلس إلا الأحاديث التي سمعها من الثقات في نقده، أو من الثقات في نقد من وصف ذلك المدلسَ بهذا الشرط، أعني كونه لا يروي إلا عن ثقة، فالظاهر أن أحاديثه تقبل معنعنة؛ ولكن يبعد تحقق هذا الشرط في حق أحد من المدلسين.

ثم إنه لو التزم ذلك بعضُهم فهل يقلَّد هو في توثيق من دلَّسهم، أو يقلَّد من ادعى له ذلك الشرط؟

الجواب: لا يستقيم التقليد، وفاقاً لما قالوه في حق من يوثق شيخه ويبهمه فيقول: "حدثني الثقة "، أو يقول "حدثني من لا أتهم".

(15)

إن المدلس إذا لم يثبت سماعه لحديث بعينه من شيخه، وكان الأمر على الاحتمال، ثم تابعه على رواية ذلك الحديث عن ذلك الراوي الذي فوقه: بعضُ الرواة، فلا يصح أن تجعل المتابعة - حينئذ - لذلك المدلِّس، لاحتمال أن تكون للواسطة التي أسقطها بينه وبين شيخه.

بل قد تكون تلك الواسطة المحذوفة ذلك المتابِعَ نفسَه، أعني الراوي الذي كان يُظَن أنه متابع للمدلس، وهو في الحقيقة شيخه المحذوف؛ فإن ثبت مثل ذلك بشأن بعض روايات المدلسين، فحينئذ يكون على ذلك المحذوف مدار الروايتين.

ثم إن تبين أن ذلك الشيخ قد تفرد بالحديث: حُكِم على حديثه ذاك بمقتضى ذلك السند، فإن وُجد أن ذلك الراوي ضعيفٌ ضُعّف الحديث بسببه، فصارت الرواية التي كانت تعدُّ – أول الأمر – متابعةً: دليلاً على ضعف رواية المدلس لا على قوتها.

مثال ذلك:

حديث عمرو بن شعيب، قال: طاف محمد - جده - مع أبيه عبد الله بن عمرو، فلما كان سبعهما، قال محمد لعبد الله حيث يتعوذون: استعذ؛ فقال عبد الله: أعوذ بالله من الشيطان؛ فلما استلم الركن تعوذ بين الركن والباب، وألصق جبهته وصدره بالبيت، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هذا.

فهذا الحديث رواه ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو؛ أخرجه عبد الرزاق في (المصنف) (5/ 75).

وتابع ابنَ جريج في روايته عن عمرو به: المثنى بنُ الصباح، عند أبي داود (1899).

ولكن ابن جريج مدلس، وقد ثبت أنه دلس في هذا الحديث، وثبت أن الواسطة بينه وبين عمرو بن شعيب هو المثنى نفسه، إذ أخرجه، من غير تدليس، عبدُ الرزاق في (المصنف) أيضاً (5/ 74)، فرواه عن ابن جريج عن المثنى عن عمرو بن شعيب به.

وبهذه الرواية يتبين أن رواية ابن جريج عن عمرو، لهذا الحديث، لا تتقوى برواية ابن المثنى عن عمرو للحديث نفسه، أعني التي عند أبي داود؛ بل تبين أنها رواية ساقطة - كرواية أبي داود، وكرواية عبد الرزاق الأخرى المتصلة - لأنها، أعني الرواية المدلَّسة، راجعة إلى رواية المثنى نفسه، وهو متروك.

(16)

ينظر في حال عنعنة المدلس إلى القرائن الأخرى من استقامة الخبر وغرابته ونكارته وشواهده ومتابعاته، وبابه وموضوعه؛ فإذا وجِد في الخبر نكارة أو غرابة أو مخالفة فهذا قرينة على التدليس، ولذلك تجد أن الأئمة أحياناً إذا استنكروا شيئاً ردوه بعدم ذكر السماع، أي ردوه بالعنعنة، ولو كان ذلك المعنعِن قليل التدليس جداً، أو كان مكثراً جداً عن شيخه الذي روى عنه ذلك الحديث، فإنهم في حال استنكار الخبر يتطلبون له علة مناسبة، فإن عدموا علة واضحة أو قوية اكتفوا بتعليله بعلة تقدح أحياناً دون أحيان أخرى، بل ربما ألجأتهم معرفتهم إلى تعليله بعلة يسيرة ليس من عادتهم إعلال الأخبار بمثلها، إذ نكارة الخبر قد تكفي للحمل على تلك العلة وحدها، عند عدم غيرها، رغم وهائها.

"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير