تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثاني: أن يحكم للسند بالاتصال حكماً ظنياً كما في حال كون الراوي مقلاً من التدليس طويل الملازمة لشيخه في ذلك الحديث، ولم تدل قرينة على احتمال تدليسه، أعني الاحتمال المعتبر.

الثالث: أن يحكم على السند بالانقطاع حكماً ظنياً وذلك لأسباب منها أن يكون المدلس كثير التدليس وهو مع ذلك قليل الرواية عن شيخه الذي روى عنه ذلك الحديث.

الرابع: أن يحكم على السند بالانقطاع حكماً قطعياً؛ كما في حالة اعتراف المدلس بتدليس ذلك الحديث.

ولعله مما يلتحق بهذا القسم الرابع ما يأتي في الفائدة التالية.

- 19 - ورود روايتين للمدلس إحداهما بالعنعنة والأخرى بالتصريح

إذا روى المدلس حديثاً بالعنعنة ثم تم الوقوف على رواية صحيحة الإسناد إلى المدلس وهو يذكر فيها واسطة بينه وبين من فوقه في الإسناد الأول فإنه حينئذ يُعلم بذلك أن في موضع العنعنة انقطاعاً أي تدليساً؛ قال ابن القطان: (فإذا روى المدلس حديثاً بصيغة محتملة، ثم رواه بواسطة تبين انقطاع الأول عند الجميع)؛ قال ابن حجر في (النكت): وهذا بخلاف غير المدلس، فإن غير المدلس يُحمل غالب ما يقع منه من ذلك على أنه سمعه من الشيخ الأعلى، وثبَّتَه فيه الواسطة.

- 20 - حكم روايات المتثبتين والمحتاطين، عن شيوخهم المدلسين

كان عدد من الأئمة لا يحدثون عن شيوخهم إلا بما تحققوا سماعه لأولئك الشيوخ ممن فوقهم؛ ومنهم من لا يكتب من أحاديث شيخه المدلس إلا ما صرح فيه الشيخ بالسماع؛ وممن كان يفعل ذلك شعبة وتلميذه يحيى بن سعيد القطان؛ وربما فعله سفيان الثوري.

فمن عرف بالتشديد في الأخذ ممن عرف بالتدليس فكان يوقفهم على السماع، فهذا يكون الأصل فيما رواه عن شيوخه المدلسين بعنعنتهم، أن تُحمل تلك العنعنة على الاتصال.

- 21 - طبقات المدلسين

قسم العلائي في (جامع التحصيل) (ص113 - 114) الموصوفين بالتدليس إلى خمس طبقات يحكم على عنعنة كل طبقة بحسبها؛ فقال عقب ذكره أسماء من ظفر بأنهم ذكروا بالتدليس:

(ثم ليعلم بعد ذلك أن هؤلاء كلهم ليسوا على حد واحد بحيث أنه يتوقف في كل ما قال فيه واحد منهم (عن) ولم يصرح بالسماع بل هم على طبقات:

أولها: من لم يوصف بذلك إلا نادراً جداً بحيث أنه لا ينبغي أن يُعد فيهم كيحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وموسى بن عقبة.

وثانيها: من احتمل الأئمة تدليسه وخرجوا له في الصحيح وإن لم يصرح بالسماع، وذلك إما لإمامته أو لقلة تدليسه في جنب ما روى، أو لأنه لا يدلس إلا عن ثقة؛ وذلك كالزهري وسليمان الأعمش وإبراهيم النخعي وإسماعيل بن أبي خالد وسليمان التيمي وحميد الطويل والحكم بن عتبة ويحيى بن أبي كثير وابن جريج والثوري وابن عيينة وشريك وهشيم؛ ففي الصحيحين وغيرهما لهؤلاء الحديث الكثير مما ليس فيه التصريح بالسماع.

وبعض الأئمة حمل ذلك على أن الشيخين اطلعا على سماع الراوي؟؟ لذلك الحديث الذي أخرجه بلفظ (عن) ونحوها من شيخه، وفيه نظر، بل الظاهر أن ذلك لبعض ما تقدم آنفا من الأسباب؛ قال البخاري: لا أعرف لسفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت ولا عن سلمة بن كهيل ولا عن منصور، وذكر مشايخ كثيرة، لا أعرف لسفيان عن هؤلاء تدليساً، ما أقل تدليسه.

وثالثها: من توقف فيهم جماعة فلم يحتجوا بهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع وقبلهم آخرون مطلقاً كالطبقة التي قبلها، لأحد الأسباب المتقدمة كالحسن وقتادة وأبي إسحاق السبيعي وأبي الزبير المكي وأبي سفيان طلحة بن نافع وعبد الملك بن عمير.

ورابعها: من اتفقوا على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لغلبة تدليسهم وكثرته عن الضعفاء والمجهولين كابن إسحاق وبقية وحجاج بن الاطأة وجابر الجعفي والوليد بن مسلم وسويد بن سعيد وأضرابهم ممن تقدم فهؤلاء هم الذين يحكم على ما رووه بلفظ عن بحكم المرسل كما تقدم.

وخامسها: من قد ضعف بأمر آخر غير التدليس فرد حديثهم به لا وجه له إذ لو صرح بالتحديث لم يكن محتجا به كأبي جناب الكلبي وأبي سعد البقال ونحوهما فليعلم ذلك. انتهى كلام العلائي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير