تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد جعل لهم رواتب تسد حاجتهم ليتفرغوا للعلم والانقطاع لنشره , فكتب لوالي حمص: " مر لأهل الصلاح من بيت المال ما يقيتهم لئلا يشغلهم شيء عن تلاوة القران , وما حملوا من الحديث" ولم تخل عمليات جمع السنة من المناقشة والمناظرة في بعضها 0 وقد توفي عمر بن عبد العزيز قبل إنجاز عمله هذا , الذي كان يفخر به فيقول: " لم يدون هذا العلم احد قبل تدويني " 0 قال الحافظ السيوطي في ألفيته في الحديث:

أول جامع الحديث والأثر ابن شهاب آمرا له عمر

و- بعض المصنفات في ذلك العصر:

ممن ألف في ذلك العصر أبان بن عثمان بن عفان (ت 105 هـ) وابن جريج (ت 150 هـ) بمكة , ومالك بن انس (ت 179 هـ) وعامر بن شراحيل الشعبي (ت 103 هـ) وغيرهم 0

ك- المجيزون والمانعون للكتابة:

1 - المانعون: منهم عَبيدة بن عمرو السلماني في المرادي (72 هـ) وإبراهيم بن يزيد التيمي (92 هـ) وإبراهيم بن يزيد النخعي (96 هـ) وجابر بن زيد (93 هـ). وسبب كراهة هؤلاء هو عدم وجود ضرورة ملجئة إلى الكتابة بل ما تزال أخبار الكراهة شائعة عندهم , بالإضافة إلى اشتهار آراءهم الشخصية فخشوا أن تكتب آراءهم مع تلك الأحاديث النبوية 0

2 - المجيزون:

وقد أباحه مطلقا طائفة منهم عطاء بن أبي رباح (114 هـ) وقتادة بن دعامة السدوسي (118 هـ) وكان الشعبي يقول: " الكتاب قيد العلم " وقد كان له كتب في الفرائض والجراحات.ومن أقواله في الحض على كتابة العلم: " إذا سمعتم مني شيئا فاكتبوه ولو في الحائط ".وأجاز البعض كتابة الأحاديث النبوية وكره كتابة الآراء الشخصية وهو رأي سعيد بن جبير ونقل عن شيخه ابن عباس الكراهة والإباحة فحملتا على ما ذكرنا. وأجاز بعض آخر كتابة الحديث حتى يحفظه فإذا حفظه محاه منهم سفيان الثوري (161 هـ) وحماد بن سلمة (167 هـ) وخالد الحذاء (141 هـ) ومحمد بن سيرين (110 هـ) 0ثم ما لبث التياران أن توحدا والحت الحاجة القاهرة إلى الكتابة إلى هؤلاء المانعين بان يجاروا التيار العام , ويعتمدوا في حفظ السنة على الحفظ والكتابة معا 0

قال الحافظ ابن الصلاح:" ثم انه زال الخلاف واجمع المسلمون على تسويغ ذلك وإباحته , ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الاعصر الآخرة " 0

ولم تكن ظاهرة الاختلاف هذه ناشئة عن انقسام العلماء إلى حزبين او مدرستين، احداهما: تبيح الكتابة , والأخرى: تمنعها بل نشأت من تلك الأسباب التي بيناها فإذا زالت أسباب المنع , أباح العلماء الكتابة , وإذا قامت عاد أكثرهم فمنع الكتابة وإذا ما خيف من الاتكال على الكتاب وإهمال الحفظ على أصوات ثانية تطالب بالاعتماد على الذاكرة , حتى أجمعت الأمة على الكتابة التي أصبحت من ضروريات حفظ الحديث لا يمكن الاستغناء عنها 0

6 - رواية الحديث بالمعنى

اعلم أن الخلاف في جواز نقل الحديث بالمعنى إنما هو في غير المتعبد بلفظه , أما ما تعبد بلفظه كالآذان والإقامة والتشهد والتكبير في الصلاة ونحو ذلك فلا يجوز نقله بالمعنى لأنه متعبد بلفظه0 وقال بعض أهل العلم: وكذلك جوامع الكلم التي اوتيها r , فلا يجوز نقلها بالمعنى إذ لا يقدر غيره على الإتيان بمثلها , ومثال ذلك قوله r : " الخراج بالضمان " و " البينة على المدعي " و " لا ضرر ولا ضرار " ونحو ذلك. وجوز الإمام مالك الرواية بالمعنى في الآثار الموقوفة ومنعه في المرفوعة ورعا منه واحتياطا 0

أما جمهور العلماء فيرى جواز الرواية بالمعنى إذا توفرت شروطها , ويعد الإمام الشافعي في " الرسالة المحمدية " أول من ضبط هذه المسالة علميا , ولم يسبقه إلى ذلك احد , فذكر في صفة المحدث انه يسوغ له أن يأتي بالمعنى دون اللفظ إذا كان عالما بلغات العرب ووجوه خطابها , بصيرا بالمعاني والفقه , عالما بما يحيل المعنى وما لا يحيله , فانه إذا كان بهذه الصفة جاز له نقل اللفظ , فانه يحترز بالفهم عن تغيير المعاني وإزالة إحكامها , ومن لم يكن بهذه الصفة كان أداء اللفظ لازما , والعدول عن هيئة ما يسمعه عليه , ومن الحجة لمن ذهب إلى هذا المذهب أن الله تعالى قد قص من أنباء ما قد سبق قصصا كرر ذكر بعضها في مواضع بألفاظ مختلفة والمعنى واحد , ونقلها من ألسنتهم إلى اللسان العربي وهو مخالف لها في التقديم والتأخير , والحذف والإلغاء , والزيادة والنقصان وغير ذلك 0

قال القاضي أبو بكر بن العربي: " ... إن هذا الخلاف إنما يكون في عصر الصحابة ومنهم , وأما من سواهم فلا يجوز لهم تبديل اللفظ بالمعنى وان استوفى ذلك المعنى " والصحابة قد اجتمع فيهم أمران: الفصاحة والبلاغة جبلة ومشاهدة أقوال النبي r وأفعاله , فأفادتهم المشاهدة عقل المعنى جملة واستيفاء المقصود كله 0

قال العلامة المحدث احمد محمد شاكر - رحمه الله -: " إن هذا الخلاف لا طائل تحته الآن فقد استقر القول في العصور الأخيرة على منع الرواية بالمعنى عملا , وان اخذ بعض العلماء بالجواز نظرا , قال القاضي: " ينبغي سد باب الرواية بالمعنى لئلا يتسلط من لا يحسن ممن يظن انه يحسن كما وقع للرواة قديما وحديثا ". وهذا ما تمنى الحافظ ابن كثير وقوعه في الصدر الأول فقال: " وكان ينبغي أن يكون هذا (المذهب) هو الواقع ولكن لم يتفق ذلك " 0

تنبيهات: -

1 - الخلاف إنما كان في عصر الرواية قبل تدوين الحديث , أما بعد تدوين الحديث في المصنفات والكتب فقد زال الخلاف ووجب إتباع اللفظ لزوال الحاجة إلى قبول الرواية بالمعنى.

2 - ينبغي لمن يروي حديثا بالمعنى أن يراعي جانب الاحتياط وذلك بان يتبعه عبارة أو كما قال، أو نحو هذا، وما أشبه ذلك من الألفاظ وقد فعله طائفة من السلف كابن مسعود وانس وغيرهم.

3 - إنما تكلمنا عن " الرواية بالمعنى " وذلك لصلتها بقضية التدوين من جهة اختلاف ألفاظ الروايات , وان ذلك محمول على الرواية بالمعنى , والله الموفق 0

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير