تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي نص آخر كأنه يتكلم فيه على " شاخت " يشير فؤاد زكريا أن التعصب بكل أنواعه، كالتعصب العنصري، والتعصب القومي المتطرف وغيرها؛ كلها تشترك في سمة واحدة هي: ((الانحياز إلى موقف الجماعة التي ننتمي إليها دون اختيار، ودون تفكير، والاستعلاء على الآخرين، والاعتقاد بأنهم " أحط ")) (2).

ثم يعدد مضار التعصب على روح المنهج العلمي فيقول: ((وأعظم الأخطار التي يجلبها التعصب على العلم، هو أنه يجعل الحقيقة ذاتية، ومتعددة، ومتناقضة، وهو ما يتعارض كلية وطبيعة الحقيقة العلمية ... كما ينطوي التعصب على تفكير أسطوري - خرافي - يتسم بطابع وهمي مختلق، وهو بطبيعته يشجع التفكير غير العقلي؛ لأنه هو الدعامة الوحيدة لموقفه، ومن هنا كان أساس النازية هو " أسطورة " الجنس الآري المتفوق، وكان أساس التفرقة العنصرية هو " أسطورة " الجنس الزنجي المنحط، إلى غير ذلك من الأساطير التي يستند إليها كل شكل من أشكال التعصب)) (3).

ويقول أحد المختصين في منهجية البحث التاريخي: ((إذا وقع الباحث في أسر التعصب، كان من السهل وصمه بالذاتية التي هي نقيض الموضوعية والعلم)) (4).


(1) التفكير العلمي (ص 96).
(2) السابق (ص 99).
(3) السابق (ص 99، 101) بتصرف يسير.
(4) البحث في التاريخ قضايا المنهج والإشكالات (ص 20).

إن نظرة سريعة إلى الكتب التي تكلمت على المنهجية العلمية وشروطها؛ تعطينا حكماً عاماً بأن الباحث المتحيز لا يمكن أن تكون نتائج بحثه علمية بأي حال من الأحوال (1).
وبعد أن ألممنا بموقف المختصين في منهجية البحث العلمي من التحيز والعنصرية، فلننظر ماذا فعل " شاخت "؟
لقد سلب من المسلمين أهم أخلاقهم الفاضلة، فنظر إليهم على أنهم مجموعة من الكذابين، فإن لم يكن هذا التعميم الذي أطلقه " شاخت " على علماء الدين المسلمين يعد تحيزاً عنصرياً وتعصباً مقيتاً، فليس في الدنيا من التعصب أو التحيز ما يستحق هذا الوصف.
إننا حين نقول: إن " شاخت " كان واقعاً تحت تأثير أفكار سابقة عنصرية تضمر احتقاراً للعرب والمسلمين وكراهية لهم، فإن شاهدنا على ذلك أحكام الرجل نفسه ونتائجه التي أعلنها، ويؤيد ذلك ما نعرفه من نصوص لبعض الغربيين أنفسهم من أن المستشرقين حين يبحثون في الإسلام والمسلمين، فإنهم يقومون بذلك من خلال ما ترسب في مخيلتهم الجماعية من صورة أسطورية خرافية مشوهة عن المسلمين، يقول الأستاذ محمد أسد - وهو في الأصل يهودي نمساوي قبل أن يسلم - مبيناً موقف الأوربيين من أهل الكتاب، والمستشرقين بصفة خاصة من الإسلام والمسلمين: ((يعتقد الأوربيون أن تفوقهم العنصري على سائر البشر أمر واقع، ثم إن احتقارهم إلى حد بعيد أو قريب لكل ما ليس أوروبياً من أجناس الناس وشعوبهم قد أصبح إحدى الميزات البارزة في المدنية الغربية.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير