تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(1) انظر نصوصاً مختصرة عن بعضهم في أصول الفقه المحمدي للمستشرق شاخت دراسة نقدية (ص 33 - 34)، والمستشرق شاخت والسنة النبوية (ص 78 - 79).

(2) في تاريخ التشريع الإسلامي (ص 94).

(3) توثيق الأحاديث النبوية نقد قاعدة شاخت (ص 697).

وقد أهمل الأدلة المضادة لهذه القاعدة بصورة فاضحة جداً، مع أنه يتكلم على قاعدة عامة يستعملها لبيان الأحاديث الموضوعة والمكذوبة في زعمه، وقد تولى الدكتور ظفر إسحاق الأنصاري (1) مناقشة هذه القاعدة بأسلوب علمي رفيع جداً، وسأقوم بتلخيص كلامه مبرزاً جانب تجاهل الأدلة المضادة.

يرى الدكتور ظفر أنه من غير الممكن ادعاء صحة حجة شاخت إلا إذا كوَّنَّا الافتراضات التالية:

1 - كلما ذكرت الأحكام الشرعية في القرنين الأول والثاني، ذكرت معها أدلتها المؤيدة، ولا سيما الأحاديث.

2 - إن الأحاديث المعروفة لأحد الفقهاء أو المحدثين ينبغي أن تُعرف بالضرورة عند كل فقهاء عصره ومحدثيه.

3 - إن كل الأحاديث المتداولة في فترة زمنية معينة كانت مدونة ومعروفة على نطاق واسع، ومن ثم حفظت بحيث إذا لم نُوفق في إيجاد حديث ما ضمن أعمال عالم معروف، فإن ذلك يعني عدم وجوده في عصره، أو عدم وجوده في بلده أو في أي مكان آخر من العالم الإسلامي.

هذه الافتراضات وإن لم يصرح بها " شاخت "، إلا أنها لازمة لقاعدته المذكورة آنفاً وهي الأسس الداعمة لتكوينها التي لولاها لانهارت. ولا يشك العارف بتاريخ التشريع الإسلامي فقهاً وحديثاً في عدم صحة هذه الافتراضات، بل إن الأدلة تنقضها، وأحسن طريقة لمعرفة سلامة قاعدة "شاخت" هي أن نقوم بما يمكن تسميته " بالاستدلال العكسي " الذي سيظهر من خلاله إهمال هذا المستشرق للأدلة المضادة.

إن الطريقة التي طبق بها " شاخت " قاعدته السابقة كانت تعتمد على أن الحديث الذي يُذكر في مصدر متأخر، وليس في مصدر متقدم عليه زمناً يدل على أنه قد تم اختلاقه ووضعه في الفترة الزمنية الواقعة بعد حياة المؤلف الذي لم يذكره.


(1) السابق (ص 694 - 706).

و" الاستدلال العكسي " لقاعدة " شاخت " يكمن في الإجابة عن تساؤل مهم مفاده: هل يمكن أن توجد أحاديث نبوية في مصدر متقدم ثم لا توجد في مصدر متأخر؟ فإن ثبت وجود ذلك انهارت قاعدة " شاخت "، وإن لم يثبت شيء من ذلك كانت قاعدته صحيحة، وكان من الواجب عليه أن يتحقق من صحة هذه القاعدة ببيان سلامتها من الأدلة المضادة، وهنا يجب علينا استحضار كلام أساتذة المنهجية المتقدم الذي يؤكد أن وجود شاهد واحد مخالف للفرض العلمي يكون كافياً في نقضه.
ولقد تمكن الدكتور ظفر الأنصاري من بيان أن عدداً كبيراً من الأحاديث الموجودة ضمن المصنفات الأولى، لم تكن ضمن مصنفات الفترة الزمنية اللاحقة لها بغض النظر عن المصنفات المعاصرة، وهذا مما يؤكد أن فقهاء ذلك العصر - في القرنين الأول والثاني الهجريين - كان من عاداتهم عدم الالتزام بذكر كل الأحاديث التي يعلمونها، بما في ذلك الأحاديث التي تدعم أحكامهم الفقهية.
ولبيان ذلك قام الدكتور ظفر الأنصاري بإجراء موازنة بين كتابي " آثار أبي يوسف القاضي "، وكتاب " الآثار لمحمد بن الحسن الشيباني " موضحاً بالأمثلة أن عدداً كبيراً من الأحاديث المدونة في الكتاب الأول ليست في الثاني، على الرغم من أن محمد بن الحسن الشيباني كان أصغر سناً من أبي يوسف الذي كان في الواقع شيخه أيضاً، وفضلاً عن ذلك فقد دوّن الشيباني كتب أبي يوسف، وألف هو نفسه كتباً، وهي إما أنها كانت مبنية على مؤلفات أبي يوسف أو مشابهة لها من حيث الموضوع، وبإثبات وجود عدد كبير من الأحاديث التي يذكرها أبو يوسف القاضي، وليست في مؤلفات الشيباني المشابهة، فإن ذلك يقوض صلاحية تلك الافتراضات المذكورة آنفاً، وهي وحدها التي تثبت صحة قاعدة " شاخت ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير