تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كما قام الدكتور ظفر الأنصاري أيضاً بإجراء موازنة بين " الموطأ " للإمام مالك برواية يحيى بن يحيى الليثي، و" الموطأ " برواية محمد بن الحسن الشيباني على اعتبار أن موطأ الشيباني هو المتأخر، وموطأ مالك برواية الليثي هو المتقدم، وذلك التزاماً بطريقة " شاخت " نفسه؛ لأنه يعامل " الموطأ " برواية الشيباني على أنه المصنف المتأخر بالنظر إلى وفاته، و" الموطأ " برواية الليثي هو المتقدم بالنظر إلى وفاة مالك. ثم وضح بالأمثلة أن عدداً كبيراً من الأحاديث الموجودة في موطأ مالك، ليست في موطأ الشيباني على الرغم أنه كان الأصغر سناً، بل أكثر من ذلك وجد بعض الأمثلة التي توجد في موطأ مالك، وهي مؤيدة لبعض أحكام المذهب الحنفي الذي ينتمي له محمد بن الحسن الشيباني، وليست في روايته للموطأ.

ثم ختم الدكتور ظفر الأنصاري بحثه بقوله: ((إن هذا يبين أنه على الرغم من عدم وجود سبب للاعتقاد بأن الشيباني لم يكن عارفاً بهذه الأحاديث، فإن مصنفه لم يسجلها، وهي حقيقة تبطل الافتراض الذي يقوم عليه منهج " شاخت " في محاولته لإثبات نشوء الأحاديث.

وبهذا الصدد فإن الاحتمالات التالية التي يبدو كل واحد منها مقنعاً قد تم تجاهلها كلية:

1 - أن الشخص المعني ربما يكون قد سمع الحديث ثم نسيه.

2 - أنه ربما يكون سمع الحديث، ولم يره صحيحاً.

3 - أنه ربما يكون قد علم بحديث ما، ولكن ... لم تصلنا كل الأحاديث المعروفة عند الفقهاء ...

إن تجاهل كل هذه الاعتبارات، وكثيراً من البراهين المضادة، والإصرار على شك مفرط، لا يمكن أن يعد من شيم المؤرخين الحصيفي الرأي)) (1).


(1) توثيق الأحاديث النبوية نقد قاعدة شاخت (ص 705 - 706).

وبقي أن نلفت الأنظار إلى أن مجرد الاعتماد على سكوت المصادر في نفي صحة المعلومات التي تثبتها مصادر أخرى، لا يعد عملاً مقبولاً علمياً عند أساتذة المنهجية الغربيين المتخصصين في التاريخ من أمثال " وودي " الذي يقول: ((لا تحكم على المؤلف بأنه يجهل أحداثاً معينة بالضرورة؛ لأنه أغفل ذكرها، ولا تظن للسبب نفسه أن تلك الحوادث لم تقع فعلاً)) (1).
وفيما تقدم تجلية لتهافت منهجية " شاخت " الذي يبدو أن من أساسيات طريقته في البحوث التي يجريها حول السنة النبوية، تجاهل إن لم يكن "حجب" الأدلة المضادة التي تخالف أحكامه التعسفية الجائرة.
المبحث الخامس: التفسير المتعسف للنصوص
يمكن لأي باحث مبتدئ في قضايا التاريخ أن يقع في سوء فهم لبعض العبارات أو المصطلحات الموجودة في النصوص القديمة، ولكن أساتذة المنهجية وضعوا قواعد في فهم العبارات، أوجبوا على كل باحث في التاريخ أن يراعيها، يقول: "لانجلوا" ((ينبغي أن نتعلم كيف نقاوم الغريزة التي تدفعنا إلى تفسير كل عبارات النص بالمعنى الكلاسيكي أو المعنى العادي ...
ويقضي المنهج بتعيين المعنى الخاص للكلمات في الوثيقة، ويقوم على بعض مبادئ بسيطة جداً:
1 - إن اللغة في تطور مستمر من شأنه أن يفسدها، ولكل عصر لغته الخاصة التي ينبغي النظر إليها على أنها نظام خاص من الرموز والعلامات، وعلى هذا فإنه لفهم وثيقة ما، ينبغي معرفة لغة العصر، أعني معنى الألفاظ والصيغ في العصر التي كتبت فيه الوثيقة. ومعنى اللفظ يتعين بجمع المواضع التي استعمل فيها ...
2 - والاستعمال اللغوي يمكن أن يختلف من إقليم إلى آخر، ولهذا ينبغي معرفة لغة الإقليم الذي كتبت فيه الوثيقة، أعني المعاني الخاصة المستعملة بها الألفاظ في الأقاليم المختلفة.
3 - ولكل مؤلف طريقته الخاصة في الكتابة، ولهذا يجب أن ندرس لغة المؤلف، والمعنى الخاص الذي استعمل به الكلمات ...

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير