تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبعد فقد بان لك (أيها القارئ رحمك الله) أن حالة المخالفة والتفرد تمثلان نقطتي انطلاق في كشف خطأ الراوي، وأن المخالفة لم تكن محصورة في أن تكون بين ثقة وأوثق، كما يوهم ذلك ما ورد في تعريف بعض المصطلحات المتصلة بالعلة؛ كالشاذ والمنكر، بل تأخذ المخالفة أبعادا أخرى، ويكون مجالها أوسع مما قد يتصوره بعضنا، ليشمل ذلك مخالفة الراوي الواقع العملي أو التاريخي أو ما ثبت عقليا، أو ما ثبت بالإجماع، غير أن عرض الحديث على ذلك كله يكون وفق منهجية منضبطة بمقتضى طبيعة الحديث وروايته، وليس على طريقة لا تقوم على توازن علمي، ولا على معرفة الواقع الحديثي والفقهي، كما يدعو بعض المفكرين إلى مقارنة كل ما يروى من الأحاديث، حتى وإن كانت مما تلقته الأمة بالقبول، مع خلفيات علمية عامة تتكون منها ثقافاتهم، أو عرضها على مقتضى عقولهم، دون مراعاة طبيعة الحديث وروايته (1).

وكذلك التفرد؛ فإن معناه أن يتفرد الراوي بما ليس له أصل، وليس على إطلاقه، ولذلك فاعلم – أخي الفاضل - أن كلا من هاتين النقطتين: المخالفة والتفرد، تشكلان في الواقع قاعدة عريضة لنقد المرويات من جميع زواياها، الأمر الذي يؤكد على دقة منهج المحدثين وشموليته في النقد، وأن المستشرقين لم يأتوا بشيء جديد ينبغي إملاؤه على الأمة الإسلامية لاستدراك ما فاتهم طوال هذه القرون الغابرة.

ولكي يتجسد أمام القارئ ما سبق ذكره من معنى العلة عند نقاد الحديث، وما يتعلق به من النقاط الجوهرية تأتي الفقرات لسرد بعض الأمثلة.

الأمثلة التطبيقية لمعنى العلة

المثال الأول


(1) - انظر تفصيل ذلك في كتاب نظرات جديدة في علوم الحديث.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير