تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن هنا أصبح من الضروري معالجة مسألة زيادة الثقة من جميع جوانبها، ومن أهمها البحث عن مدى تداخلها مع أنواع العلل، حتى يتم لنا تحقيق منهج المحدثين فيها قبولا وردا، دون خلطه بمذاهب أخرى تنظر في مثل هذه المسألة من زاوية العقل وعلم المنطق، كمتأخري المحدثين والفقهاء، والأصوليين، ولعل ذلك نتيجة تأثرهم بمستجدات الأمور التي عاصروها في مجال التربية والتعليم.

وحين تتبع كلام العلماء حول مسألة زيادة الثقة، ومراحلها التاريخية، يمكن الوصول إلى أن الخطيب البغدادي كان من أوائل المحدثين الذين تأثر تفكيرهم بعلم المنطق، ولذا يكون عصره بداية مرحلة جديدة تطورت فيها الأساليب في طرح مسائل علوم الحديث، وبرزت فيها أمورلم تعرف عن الحفاظ المتقدمين، وهذا جانب تاريخي يجب أخذه بعين الاعتبار عند تحرير القواعد المتصلة بمنهج المحدثين، ونجد فيما قاله الحافظ ابن رجب الحنبلي إشارة إلى ذلك، وهذا نصه:

’’ ثم إن الخطيب تناقض فذكر في كتاب (الكفاية)، للناس مذاهب في اختلاف الرواة في إرسال الحديث ووصله كلها لا تعرف عن أحد من متقدمي الحفاظ، إنما هي مأخوذة من كتب المتكلمين ‘‘ (1).

وسنرى ذلك مجسدا في مسألة زيادة الثقة، يقول الخطيب:

’’قال الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث: زيادة الثقة مقبولة إذا انفرد بها، ولم يفرقوا بين زيادة يتعلق بها حكم شرعي أو لا يتعلق بها حكم، وبين زيادة توجب نقصانا من أحكام تثبت بخبر ليست فيه تلك الزيادة، وبين زيادة توجب تغيير الحكم الثابت أو زيادة لا توجب ذلك، وسواء كانت الزيادة في خبر رواه راويه مرة ناقصا ثم رواه بعد – وفيه تلك الزيادة – أو كانت الزيادة قد رواها غيره ولم يروها هو‘‘.

’’وقال فريق ممن قبل زيادة العدل التي ينفرد بها: إنما يجب قبولها إذا أفادت حكما يتعلق بها، وأما إذا لم يتعلق بها حكم فلا‘‘.


(1) - ابن رجب الحنبلي، شرح العلل 1/ 427 – 428

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير