تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التوجيه الثاني: أن يُحمل على أنه سيخرج أحاديث لها علل قادحة وأن البخاري ومسلمًا قد أخرجا أحاديث لها علل قادحة، لكن مع بيان علتها، وهذا صحيح وسيأتي أن البخاري ومسلمًا قد أخرجا أحاديث وأعلَّاها -هما أنفسهما- في كتابيهما الصحيح، فإذا أخرجا أحاديثًا لها علة قادحة يبين ذلك البخاري ومسلم أن هذا الحديث له علة قادحة، فإما أراد هذا المعنى أو أراد هذا المعنى، وكلا المعنيين صحيح، سواء أراد هذا أو ذاك.

ننتقل غلى قضية مهمة: أثارها الحافظ بن حجر، ونقلها عنه اثنان من تلامذته وهما: السخاوي والبقاعي وأحد تلامذة تلامذته وإن كان له من إجازة وهو السيوطي، نقلوا عن الحافظ بن حجر كلامًا أنه يقرر في هذا الكلام أن الشذوذ بتعريفه هو لا يناقض وصف الحديث بالصحة، الشذوذ بتعريف الحافظ له، الآن انتهينا من الشذوذ عند ابن الصلاح وبينا أنه هو المراد في تعريف الحديث الصحيح، لكن الحافظ بن حجر يقول بأن الشاذ الذي هو مخالفة الراوي المقبول لمن هو أولى منه ليس شرطًا منافيًا للصحة، وهذا قاله صراحة ونقله عنه كما قلت ثلاثة من العلماء منهم تلميذه السَخَاوي، وتلميذه البِقَاعي وأيضًا الإمام السيوطي كلهم نقلوا هذا الكلام عن الحافظ بن حجر وهو يعني بنقل هؤلاء ثابت وإن كنا لم نجده في شيء من كتبه لأن هناك كتاب اسمه " النُكَت الكُبْرَى " للحافظ بن حجر مطبوع عليه " النُكَت الصُغْرَى" النكت على كتاب ابن الصلاح للحافظ بن حجر هذه هي النكت الصغرى، هناك " النكت الكبرى" لا نعرف عن مكان وجودها شيئًا فلعل ما نقل أو ما نقله هؤلاء العلماء من النكت الكبرى والتي كان السيوطي يصرح بالنقل منها في كثير من الأحيان فلعل هذا النقل من النكت الكبرى للحافظ بن حجر.

المقصود: أن الحافظ بن حجر يستدل على هذه الدعاوى بأمثلة، يقول: يدل على أن الشذوذ لا ينافي وصف الحديث بالصحة أي مخالفة الراوي المقبول لمن هو أولى منه استدل بعدة أمثلة منها:


1 - حديث شراء النبي (لجمل جابر، وما وقع في هذا الحديث بالاختلاف وساق البخاري هذا الاختلاف في الصحيح، فوقع مثلًا اختلاف في هذه القصة في ثمن الجمل؛ أحد يذكر كذا وكذا من الدراهم، وبعضهم يذكر عدد آخر، والثالث يذكر عدد آخر، ويورد البخاري أكثر من رواية في صحيحة مع أننا نعرف أن الجمل واحد والقصة واحدة فهو إما بيع بهذا الثمن أو بيع بهذا الثمن، وما يمكن أن يكون بِيعَ بِكِلا الثْمَنين.
أيضًا في القصة نفسها أمر له علاقة بالفقه وهو اشتراط الركوب، هل اشترط النبي (لما اشترى الجمل من جابر هل اشترط عليه جابر أن يركبه إلى أن يدخل إلى المدينة ثم يعطيه للنبي عليه الصلاة والسلام أو لا؟
جاءت رواية فيها اشتراط الركوب، وجاءت رواية ليس فيها اشتراط الركوب، وأخرج البخاري كلا الروايتين.
فيقول الحافظ بن حجر: إخراج البخاري لهذا الحديث مع هذا الاختلاف يدل على أن الشذوذ ليس شرطًا، انتفاء الشذوذ ليس شرطًا في الصحة.
لأن لابد أن تكون إحدى الروايتين خطأ، ومع ذلك أخرجها في الصحيح.
ومثال آخر أيضًا يضربه الحافظ بن حجر قال: - وقع في صحيح مسلم -: مثل ركعتي الفجر، سنة الفجر، فإنه من المعروف أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا صلى ركعتا الفجر اضطجع اضطجاعه خفيفة إلى أن تُقَام الصلاة، ثم يقوم ويصلي الفرض بالمسلمين،كل الرواة اتفقوا على أن هذه الاضطجاعة بعد ركعتي الفجر، بعد سنة الفجر الراتبة إلا الإمام مالك انفرد فذكر أن هذه الاضطجاعة قبل سنة الفجر، وأخرج الإمام مسلم الروايات كلها، ومنها رواية الاضطجاع التي قبل النافلة، والتي بعد النافلة، مع أنه لا يمكن أن يكون إلا أحد الأمرين.
فيقول الحافظ بن حجر: معنى ذلك أن الإمام مسلم كان يعرف إن إحدى الروايتين خطأ ومع ذلك أخرجها في الصحيح، ما وجه إخراجها في الصحيح؟
- قال لأن انتفاء الشذوذ ليس شرطًا في الصحة.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير