تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذًا: فكان المقصد الأساسي في أن يستدرك على الصحيحين هو يريد أن يثبت أن هناك أحاديث زائدة على الصحيحين لم يذكرها صاحبا الصحيح، أحاديث صحيحة زائدة على الصحيحين لم يذكرها صاحبا الصحيح، هذا هو كان المقصد الأساسي للحاكم، وسنرى أن هذا المقصد قد أثر في تأليف كتابه أثرًا كبيرًا وبالغًا.

إذًا - في الحقيقة - هما سببان أساسيان:

1 - الزيادة على عدد الصحيح.

2 - الرد على هذا المبتدع.

بدأ الحاكم في إملاء كتابه في محرم من سنة ثلاثمائة وثلاثة وتسعين، ابتدأ أول مجلس أملاه للمستدرك في إملائه للمستدرك، كان سنة ثلاثمائة وثلاثة وتسعين في المحرم، في أوائل تلك السنة، يعني كم كان له من العمر أول ما ابتدأ بالتأليف؟ اثنين وسبعين عامًا، فهذا يتبين أنه ابتدأ بتأليف الكتاب في أواخر عمره، وسيأتي أن هذا أيضًا عذر من الأعذار التي أُعتذر بها للحاكم، وهو عذر صحيح؛ لأنه نصَّ في مقدمة " المستدرك" أن إملائه لأول مجلس كان سنة ثلاثمائة وثلاثة وتسعين، وإن كانت تحرفت في المطبوعة إلى ثلاثمائة وثلاثة وسبعين، في أول المستدرك تحرفت التسعين إلى سبعين، والصواب أنها تسعين وليست سبعين.

قبل أن ندخل في شرطه للكتاب، نذكر بعض الأمور المتعلقة بذلك:

عدد أحاديث الكتاب: تسع آلاف وخمسة وأربعين حديثًا، يعني قرابة عشرة آلاف حديث، أو تسع آلاف حديث، ولهذا العدد الكبير ا لذي أورده في " المستدرك " ذهب الحافظ بن حجر إلى أنه لا يكاد يوجد حديث صحيح خارج عن الصحيحين ومستدرك الحاكم، فإنه مع انتقاده لمستدرك الحاكم يقول: لكن يصفو منه قدر كبير من الصحيح، وهو مع الصحيحين يكاد يستوعب كل الصحيح.

نحن لا نقل هذه العبارة دقيقة بكل تفاصيلها، لكن نقول: لعلنا لو أضفنا صحيح ابن حبان وصحيح ابن خزيمة ومسترك الحاكم وتصحيحات العلماء الآخرين كالترمذي، وكسكوت النسائي عن الحديث، وما شابه ذلك، هذا كله لا شك لو أضفناه إليه لوجدنا أن عدد الأحاديث الصحيحة سيكون بالغًا عددًا كبيرًا، ولا يكاد بالفعل يجد الإنسان بعد ذلك حديثًا صحيحًا إلا وقد سُبق بالحكم عليه من إمام مُتقدِّم قد حكم عليه بالصحة من هؤلاء العلماء الذين ذكرناهم، ومن سواهم ممن صحح وضعَّف.

الكتاب مُرتَّب على الكتب والأبواب: وهو من كتب الجوامع لأبواب العلم؛ لأنه شامل لأحاديث الأحكام، ولكل الأحاديث التي يُستنبط منها حكم، وما لا يُستنبط منها حكم، ولذلك عقد كتاب "التفسير" وعقد كتاب " الفضائل " و " معرفة الصحابة " و " التاريخ "، وغير ذلك، مسائل مختلفة لا يستنبط منها حكم، فهو من كتب الجوامع لأبواب العلم.

مما سنذكره الآن وهو من أهم المسائل المتعلقة بمستدرك الحاكم، وهو شرطه في الكتاب.

شرطه في هذا الكتاب:

وسنبتدئ بعبارته في المقدمة لننطلق منها في معرفة شرطه في هذا الكتاب.

يقول في مقدمته بعد أن ذكر كلام هؤلاء المبتدعة يقول:

" وقد سألني جماعة من أعيان أهل العلم في هذه المدينة - يعني: نيسابور- وغيرها أن أجمع كتابًا يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتج محمد بن إسماعيل ومسلم بن الحجاج بمثلها، إذ لا سبيل لانعقاد ما لا علة له، فإنهما -رحمهما الله- لم يدعيا ذلك لأنفسهما، وقد خرج جماعة من علماء عصرهما ومن بعدهما عليهما أحاديث قد أخرجاها وهي معلولة، وقد جهدت في الذب عنهما في المدخل إلى الصحيح بما رضيه أهل الصنعة، وأنا أستعين الله الآن –المقطع الآتي مهم- يقول: وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات قد احتج بمثلها الشيخان -رضي الله عنهما- أو أحدهما، وهذا شرط الصحيح عند كافة فقهاء أهل الإسلام، وأن الزيادة في الأسانيد والمتون من الثقات مقبولة.

هذه عبارته في مقدمة " المستدرك".

أما الكلام عن العلة فقد السبق الحديث عنها وعن مقصوده فيها لمَّا تكلمنا عن شرط البخاري في الإعلال، وأنه إما قصد العلل غير القادحة، أو قصد ما يخرجه ليبين علته كما حصل في البخاري، فالبخاري ومسلم قد يخرجان أحاديث لها علة لكنها غير مؤثرة، أو يخرجان الحديث وفيه علة مؤثرة لكن يخرجانه لبيان علته، فهذا مقصوده بالعلة.

أما مقصوده بشرط الشيخين: فهذه مسألة مهمة وقد طال فيها الخلاف؛ لأن الحاكم يخرج الأحاديث وكثيرًا ما يتعقبها بعبارات مثل قوله:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير