تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

«الشيخ سليمان إنما صنَّفها على اصطلاح الأصحاب، ثم الأحاديث التي ذكرت، يذكرون أحاديث وهناك ما هو أصح منها. أما قوله: ما رواه فلان؟ فهو لم يذكر في اصطلاحه أني تتبعت ما نقلوه منه () …»

وهذه رسالة الشيخ إسماعيل الأنصاري في رده على الشيخ الألباني، وعنون لها بقوله: (تعقب لبعض أغلاط الألباني):

«قرأنا في رسالة (تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد) للألباني، كلمة حول صنيع الشيخ العلامة سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في (حاشية المقنع)، رأينا من أداء واجب ذلك الإمام أن نتعقبها بعد سردها بما هو الصواب، إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل، فنقول وبالله التوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل: …وأما حديث «لا تَنتفعوا من الميتة بشيء» ففي (المغني ()) للموفق و (الشرح الكبير ()) لشمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن ما نصه «روى أبو بكر الشافعي بإسناده عن أبي الزُّبير، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنتفعوا من الميتة بشيء» وإسناده حسن، وقد أقرهما الحافظ ابن حجر على هذا التحسين في (التلخيص الحبير ()) وتبعه الشوكاني في (نيل الأوطار ()) وذكر له رواية عند ابن وهب فيها زمعة، وهو ضعيف.

فليس من اللائق تضعيف حديث حسن، بوجود طريق له أُخرى ضعيفة، فإن ذلك خلاف ما قرره أئمة الفن! وأما دعوى معارضة الحديث المذكور لما في (الصحيح)، فغير قائمة على أساس ما دام هذا الحديث عاماً، والأحاديث التي ظنَّها الألباني مخالفة له خاصة، ولا ينبغي الإقدام على الأحاديث الثابتة، بمجرد دعوى المعارضة للأحاديث الصحيحة، كما بينه الحافظ ابن حجر في (القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد)، قال:

«كيف يدعي الوضع على الأحاديث الصحيحة بمجرد هذا التوهم؟! ولو فتح هذا الباب لرد الأحاديث لادُّعِي في كثير من الأحاديث البطلان، ولكن يأبى الله ذلك والمؤمنون ()»

وقال أيضاً: «لا ينبغي الإقدام على الحكم بالوضع، إلا عند عدم إمكان الجمع، ولا يلزم من تعذر الجمع في الحال ألا يمكن بعد ذلك، وفوق كل ذي علم عليم. وطريق الورع في مثل هذا أن لا يحكم على الحديث بالبطلان، بل يتوقف فيه إلى أن يظهر لغيره ما لم يظهر له» ().

وأما عزو الحديث إلى الدارقطني فإنما نقله الشيخ سليمان عن (المبدع) () واستناد الألباني في توهيم ذلك إلى أنه لم يجد من سبقه إليه غير ناهض، إذ لا يخفى ما بين عدم وجود الشيء وعدم الشيء من البون الكبير، لا سيما ومؤلفات الدارقطني كثيرة، ليس في وسع الألباني تتبعها حتى يُقابل نفيه بإثبات صاحب (المبدع).

مع أن حديث ابن عَكِيْم عن الدارقطني ()، يشهد لهذا الحديث، وقد صححه ابن حبان () وابن حزم في (المحلى) ()، ونقل ابن القيم عن طائفة من أهل العلم أنه محفوظ، وتعقب الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) () أهم العلل التي عُلل بها.

وارتضى هو ومن قبله الجمع بينه وبين أحاديث الدباغ، بأن الإِهَاب هو الجلد الذي لم يُدبغ، وأحاديث الدباغ تدل على الاستمتاع بعد الدبغ والمقصود أن حديث ابن عَكِيْم عند الدارقطني، وأن معناه ومعنى حديث جابر واحد.

فما دام الأمر كذلك، فلنا أن نقول: إن من عزا حديث جابر إلى الدارقطني، إنما أراد الأصل إن لم يكن موجوداً عند الدارقطني بهذا اللفظ، كما أجيب بمثله عن الإمام البيهقي، فيما وقع له في ذلك من عزو كثير من ألفاظ أحاديث لا توجد في (الصحيحين) إليهما ().

وأما حديث «من استنجى من ريح فليس منّا» فقد قال الموفق في (المغني ()): «رواه الطبراني في (معجمه الصغير)، وتبعه شمس الدين في (الشرح الكبير ()) فليست المسئولية خاصة بالشيخ سليمان في شيء سبقه إليه هذان الإمامان، كما لا نستجيز رد إثبات أئمة العلم بمجرد سقوطه في نسخة لم تعرض على الأُصول الصحيحة، ولا على حافظ متقن. وطريقة العالم المنُصف في مثله أن يقول: ليس في النسخة التي وقفت عليها، لا أن ينفيه نفياً جازماً! وقد روى ابن عبد البر في (جامع بيان العلم وفضله) عن معمر أنه قال: «لو عُورض الكتاب مائة مرة، ما كاد يسلم من أن يكون فيه سقط أو خطأ ()» وأما حديث «لخَلُوفُ فم الصائم» فعزوه إلى الترمذي غير قادح، فإن التقيد بهذه القيود الإصطلاحية، مما لا تبلغ درجته أن يكون سبباً في الطعن على إمام من أئمة الدعوة إلى الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير