تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تعالى، ولو أخذنا بهذه القيود لاستدركنا على الألباني اقتصاره على البخاري دون مسلم ()، فإن الحديث متفق عليه، ودرجة المتفق عليه حسب قواعد المصطلح، فوق درجة ما انفرد به البخاري، فلماذا يقتصر على قوله «وهو في البخاري» ولم يتعرض لكونه متفقاً عليه.

فبهذا يتبين أن الحق مع الشيخ سليمان في هذه الأحاديث التي انتقد الألباني صنيعه فيها، مع أنا لو فرضنا أنه وهم في أربعة أحاديث، فليس من اللائق التعبير فيه بأنه غير موثوق به!! فإن ما غلط فيه كثير من أئمة العلم أكثر من ذلك، وكل قائل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس تتبع المسائل المستشنعة من عادة أهل العلم! كما بينه ابن القيم في (جلاء الأفهام) وقال في (المدارج): «لو كان كل من أخطأ أو غلط تُرك جملة وأهدِرت محاسنه، لفسدت العلوم والصناعات والحِكم، وتعطلت معالمها» هذا لو فرضنا أنه أخطأ فكيف والصواب معه؟! وبهذا ينتهي الكلام على هذه الأحاديث» ().

ثم بعد ذلك استحسن الشيخ إسماعيل الأنصاري، أن يذكر ترجمة للشيخ سليمان – رحمه الله – نقلاً من (عنوان المجد) لابن بشر، وفي نهاية الرسالة نقل الشيخ عن (طبقات الشافعية) للتاج عبد الوهاب ابن السبكي، بعض أوهام في العزو، كانت في كتاب (الإمام) لابن دقيق العيد، ومع ذلك قال التاج ابن السبكي الذي ذكرها: «لم ندرك أحداً من مشايخنا، يختلف في أن ابن دقيق العيد، هو أُستاذ زمانه علماً وديناً ()».

قلت: وزيادة على ما ذُكر في رسالة الشيخ إسماعيل الأنصاري أقول: إن حكم الشيخ الألباني على الشيخ سليمان بأن الاعتماد عليه في التخريج غير موثوق به فيه نظر بالغ، وذلك من عدة وجوه:

الأول: مبالغة الشيخ الألباني ومجاوزته الحد حيث حكم على منهج الشيخ سليمان في التخريج بحكم عام، وذلك أن الشيخ الألباني اقتصر في الحكم على تخريج الشيخ من كتاب واحد وهو (حاشية المقنع) وأيضاً الأمثلة التي ذكرها الشيخ الألباني من الحاشية أربعة أمثلة وهي قليلة جداً و لا يبنى عليها حكم عام أيضاً، وبأنَّ الشيخ سليمان في (حاشية المقنع) له أوهام كثيرة جداً في التخريج، تجعل الاعتماد عليه في التخريج غير موثوق به.

الثاني: لم أجد الشيخ الألباني عَمَّم الحكم على تخريج الشيخ سليمان إلا في كتابه (تحذير الساجد) بينما لم يذكر هذا الحكم على الشيخ في كتبه الأُخرى، حيث خَرَّجَ الشيخ الألباني في (السلسلة الضعيفة)، حديث «لا تنتفعوا من الميتة بشيء» ثم قال: «ومما سبق تعلم أن قول الشيخ سليمان حفيد محمد ابن عبد الوهاب رحمهما الله في حاشيته على (المقنع) (1/ 20): «رواه الدارقطني بإسناد جيد» غير جيد، على أنني في شك كبير من عزوه للدارقطني فإني لم أره في «سننه» وهو المراد عند إطلاق العزو عليه، ولم أجد من عزاه إليه غير الشيخ هذا …. ()» وقال أيضاً في (إرواء الغليل) عند تخريجه لحديث «كنت رَخَصَّت لكم في جلود الميتة، فلا تنتفعوا من الميتة بجلد ولا عَصَبْ»:

«وعزاه بهذا اللفظ في حاشية (المقنع) (1/ 20) نقلاً عن (المبدع) للدارقطني أيضاً، ولم أره في سننه ()» وبالنقل من (السلسلة الضعيفة) و (إرواء الغليل) يظهر تلطف الشيخ الألباني في رده لعزو الشيخ سليمان، بخلاف ما جاء في (تحذير الساجد) من التجوز في إصدار حكم عام على تخريج الشيخ سليمان.

الثالث: أكاد أجزم أن الشيخ الألباني لو نظر، نظرة تأمل إلى كتاب (تيسير العزيز الحميد) ورسالة (الطريق الوسط) ورأى عناية الشيخ سليمان ودقته في تخريج الأحاديث والآثار، خاصة تعقباته لعزو شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب للأحاديث والآثار، في كتاب (التوحيد) لكان له حكم آخر، وكيف يكون للشيخ سليمان أوهام كثيرة جداً في التخريج، تجعل الاعتماد عليه في التخريج، غير موثوق به، وهو القائل عند تخريج حديث طارق بن شهاب: «دخل الجنة رجل في ذباب …»: «هذا الحديث ذكره المصنف معزواً لأحمد، وأظنه تبع ابن القيم في عزوه لأحمد… وقد طالعت (المسند) فما رأيته فيه، فلعل الإمام رواه في كتاب (الزهد) أو غيره ()».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير