ومن الأمثلة على القرن بين الترغيب والترهيب قوله تعالى:) نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ((الحجر: 49 - 50)، وكذلك قوله تعالى:) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ ((غافر: منالآية3)،وقول رسول الله r : (( لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد, ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد)) (مسلم.
* قاعدة الإعجاز التربوي في الإيمان بيوم الحساب:
يوم الدين: هو يوم الحساب والجزاء والعقاب في الآخرة , ولا يكون المؤمن بالله مؤمنا حقيقة ما لم يؤمن بيوم الدين , ولهذا الإيمان بيوم الدين آثاره التربوية في شخصية الإنسان، وهذه الآثار هي:
أولا): إنّ الإيمان باليوم الآخر وما فيه من العدالة الإلهية المطلقة، يبعث في نفس الإنسان الثقة والطمأنينة
بأنّ عمله لن يذهب سدى , وبأنّ جهده لن يكون هباء , وبأنه ما لم يكافأ على عمله في الدنيا فإنّ المكافأة قائمة يوم القيامة , وهذا ما يدفع الإنسان إلى العمل الصالح والعمل بطاعة الله واجتناب ما نهى الله عنه، بكل جهده من غير إهمال ولا تقصير.
ثانيا): تعليق أنظار الناس وقلوبهم بيوم الدين، يدفع الناس إلى التضحية بكل ما يملكون وبأعز ما يملكون لإقامة الحق والعدل , وللاستقامة على المنهاج الصحيح، لأنّ كل ذلك سيكون أمامهم يوم القيامة.
ثالثا):لا تستقيم الحياة البشرية ولا تقوم حياة تليق بالإنسان وتحقق له السعادة ما لم يكن هناك إيمان باليوم الآخر.
وهذه الآية: تمثل الكلية الضخمة العميقة التأثير في الحياة البشرية كلها، كلية الاعتقاد بالآخرة. . والملك أقصى درجات الاستيلاء والسيطرة. ويوم الدين هو يوم الجزاء في الآخرة. . وكثيراً ما اعتقد الناس بألوهية الله، وخلقه للكون أول مرة؛ ولكنهم مع هذا لم يعتقدوا بيوم الجزاء. . والقرآن يقول عن بعض هؤلاء: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن: الله} ثم يحكي عنهم في موضع آخر: {بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون: هذا شيء عجيب. أإذا متنا وكنا تراباً؟ ذلك رجع بعيد} والاعتقاد بيوم الدين كلية من كليات العقيدة الإسلامية ذات قيمة في تعليق أنظار البشر وقلوبهم بعالم آخر بعد عالم الأرض؛ فلا تستبد بهم ضرورات الأرض. وعندئذ يملكون الاستعلاء على هذه الضرورات. ولا يستبد بهم القلق على تحقيق جزاء سعيهم في عمرهم القصير المحدود، وفي مجال الأرض المحصور.
وما تستقيم الحياة البشرية على منهج الله الرفيع ما لم تتحقق هذه الكلية في تصور البشر. وما لم تطمئن قلوبهم إلى أن جزاءهم على الأرض ليس هو نصيبهم الأخير. وما لم يثق الفرد المحدود العمر بأن له حياة أخرى تستحق أن يجاهد لها، وأن يضحي لنصرة الحق والخير معتمداً على العوض الذي يلقاه فيها. .
وما يستوي المؤمنون بالآخرة والمنكرون لها في شعور ولا خلق ولا سلوك ولا عمل. فهما صنفان مختلفان من الخلق. وطبيعتان متميزتان لا تلتقيان في الأرض في عمل ولا تلتقيان في الآخرة في جزاء. . وهذا هو مفرق الطريق. . [9] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn9)
* قاعدة الإعجاز التربوي في عبادة الله والاستعانة به وحده:
المعنى العام للعبادة هو الطاعة والاتباع , أي: إن كل عمل يقوم به المسلم هو عبادة إذا اقترن هذا العمل بالنية ما لم يكن هذا العمل معصية , وهذا هو المفهوم الأوسع للعبادة والطاعة , أما إقامة الشعائر التعبدية من صلاة وصوم وزكاة وحج فهي معنى خاص للعبادة , حيث وردت كلمة عبادة في القرآن في مائتين وخمسة وسبعين موضعا (275) , من بين هذه المواضع مائتان وسبعة وثلاثون موضعا (237) كانت العبادة فيها بالمعنى العام وهو الطاعة والاتباع , وثمانية وثلاثون موضعا (38) كانت العبادة فيها بالمعنى الخاص وهو إقامة الشعائر التعبدية.
والسؤال: ما هي الآثار التربوية للعبادة في شخصية الإنسان؟.
والجواب:
1 - العبودية لله وحده تعني التحرر المطلق منكل عبودية لغير الله , وعلى هذا لا يكون الإنسان حرا ما لم يكن عبدا لله وحده، حيث يتحرر من عبودية الأوهام والخرافات , ويتحرر من عبودية النظم والأوضاع , وفي ظل العبودية لله وحده يولد الإنسان من جديد.
¥