تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تفسير آية (الدّين) للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله

ـ[عبدالله العلاف]ــــــــ[20 - 07 - 10, 07:34 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة:282)

التفسير:

هذه الآية الكريمة أطول آية في كتاب الله؛ وهي في المعاملات بين الخلق؛ وأقصر آية في كتاب الله قوله تعالى: {ثم نظر} [المدثر: 21]؛ لأنها خمسة أحرف؛ وأجمع آية للحروف الهجائية كلها آيتان في القرآن فقط؛ إحداهما: قوله تعالى: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاساً} [آل عمران: 154] الآية؛ والثانية قوله تعالى: {محمد رسول الله والذين معه ... } [الفتح: 29] الآية؛ فقد اشتملت كل واحدة منهما على جميع الحروف الهجائية.

{282} قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا}؛ سبق الكلام على مثل هذه العبارة.

قوله تعالى: {إذا تداينتم بدين} أي إذا داين بعضكم بعضاً؛ و «الدين» كل ما ثبت في الذمة من ثمن بيع، أو أجرة، أو صداق، أو قرض، أو غير ذلك.

قوله تعالى: {إلى أجل مسمى} أي إلى مدة محدودة {فاكتبوه} أي اكتبوا الدين المؤجل إلى أجله؛ والفاء هنا رابطة لجواب الشرط في {إذا}.

قوله تعالى: {وليكتب} أللام للأمر؛ وسكنت لوقوعها بعد الواو؛ وهي تسكن إذا وقعت بعد الواو، كما هنا؛ وبعد «ثم». والفاء، كما في قوله تعالى: {ثم ليقطع فلينظر} [الحج: 15] بخلاف لام التعليل؛ فإنها مكسورة بكل حال؛ و {بينكم} أي في قضيتكم؛ و {كاتب} نكرة يشمل أيّ كاتب؛ {بالعدل} أي بالاستقامة - وهو ضد الجور؛ والمراد به ما طابق الشرع؛ وهو متعلق بقوله تعالى: {ليكتب}.

قوله تعالى: {ولا يأب كاتب أن يكتب}، أي لا يمتنع كاتب الكتابة إذا طلب منه ذلك.

قوله تعالى: {كما علمه الله} يحتمل أن تكون الكاف للتشبيه؛ فالمعنى حينئذ: أن يكتب كتابة حسب علمه بحيث تكون مستوفية لما ينبغي أن تكون عليه؛ ويحتمل أن تكون الكاف للتعليل؛ فالمعنى: أنه لما علمه الله فليشكر نعمته عليه، ولا يمتنع من الكتابة.

قوله تعالى: {فليكتب}؛ الفاء للتفريع: واللام لام الأمر؛ ولكنها سكنت؛ لأنها وقعت بعد الفاء؛ وموضع: {فليكتب} مما قبلها في المعنى قال بعض العلماء: إنها من التوكيد؛ لأن النهي عن إباء الكتابة يستلزم الأمر بالكتابة؛ فهي توكيد معنوي؛ وقيل: بل هي تأسيس تفيد الأمر بالمبادرة إلى الكتابة، أو هي تأسيس توطئة لما بعدها؛ والقاعدة: أنه إذا احتمل أن يكون الكلام توكيداً، أو تأسيساً، حمل على التأسيس؛ لأنه فيه زيادة معنى؛ وبناءً على هذه القاعدة يكون القول بأنها تأسيس أرجح.

قوله تعالى: {وليملل الذي عليه الحق} أي يملي؛ وهما لغتان فصيحتان؛ فـ «الإملال» و «الإملاء» بمعنًى واحد؛ فتقول: «أمليت عليه»؛ و «أمللت عليه» لغة عربية فصحى - وهي في القرآن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير