تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تأملات مقاصدية في أول سورة النور]

ـ[مطلق الجاسر]ــــــــ[14 - 09 - 10, 01:55 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

من مقاصد الشريعة في أول سورة النور

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،، أما بعد

فلا يخفى أن من المقاصد الشرعية العظيمة لهذا الدين = استمرار النسل، ولهذا المقصد نصوصٌ حثت عليه من القرآن الكريم والسنة المطهرة، لعل من أصرحها حديثُ النبيِ r : " تزوّجوا الودود الولود فإني مُكاثر بكم الأمم يوم القيامة" [1] ( http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn1).

لذا اقتضت رحمةُ رب العالمين سبحانه وتعالى أن تُركب في المكلفين الغريزةُ والشهوةُ لكل جنسٍ تجاه الآخر، ولعلها – والله أعلم – لمقصدين:

الأول: استمرار النسل، فإنه لو لم يرغب الرجلُ في المرأةِ والمرأةُ في الرجلِ لَقَلَّ التناكح والتزاوج وقَلَّ النسلُ المقصودُ لاستمرارِ الحَياة.

الثاني: الاختبار والابتلاء، لأن الشهوةَ مِن أعظم الابتلاءات لدى البشر، ومن أعظم الفتن الفتنة بالنساء، وقد قال النبيُ r : " فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " [2] ( http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn2).

والخطر الأكبر المخوف من جرّاء هذه الفتنة هو الزنى – والعياذ بالله -، وهو جريمةٌ نكراء في حق الأسرة والمجتمع بأسره، ومفاسده كثيرةٌ لا تخفى.

ومن حكمة هذا الدين العظيم أن شَرَعَ أموراً تُنفّر الناسَ من هذه الجريمة، وقَرَّر عقوبات تَردع من تسوّل له نفسه فعل هذه الجريمة.

وهذه السورة العظيمة سورة النور لها تعلق بحل هذه المشكلة، وتحقيق هذا المقصد المهم من المقاصد الشرعية، وقد قال الباري في مطلعها: (سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النور/1]

والقارئ لهذه السورة العظيمة سورةِ النور يجدُها تتناول هذا الجانب وتضع حلولاً لهذه المشكلة، وهي تَدل المسلمين على المخرج والمفر من هذه الفعلة النكراء، وذلك على النحو الآتي:

أولا: بيان خطر هذه الجريمة، وتنفير الناس منها، من خلال التالي:

1 - بيان حد الزنى، وقد بدأت هذه السورة بذكر حد الزنى بالنسبة للبكر، وذلك في قوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ .. ) [النور/2].

ويلاحَظ تقديمُ الأنثى على الذكر – على خلاف طريقة القرآن الكريم في تقديم الذكر على الأنثى في السياق – والسبب في ذلك - والله أعلم – أن الشرور التي يجرها زنى المرأة على نفسها وبيتها وأهلها أعظم بكثير من الشرور والعواقب الناتجة عن زنى الرجل كما هو ظاهر؛ وإن كان الجميع شراً.

2 - التحذير من الرأفة بالزناة. قال تعالى: (وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ .. ) [النور/2]

وذلك أنه ربما رَأَفَ بعضُ المسلمين بحال هذا الزاني وهذه الزانية، وتلك الرأفة سببُها عَدَمُ اليقين بأن الله تعالى أرحم بعباده من هذا الرجل، ألم يقل النبيُ r : " للهُ أرْحمُ بعبادِه مِن هذه بولدها "؟! أي: تلك المرأة التي كانت تبحث عن طفلها بين السبي فلما وجدته ضمته إلى صدرها وأرضعته [3] ( http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn3).

فكيف يكون هذا الرب الرحيم بعباده، بل هو أرحم بهم من أنفسهم، وتكون إرادته متوجهة لتعذيب عباده لمجرد التعذيب، هذا محال، فلهذا – والعلمُ عن الله – قال تعالى: ( .. إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ .. ) [النور/2]

3 - فضيحة الزاني: وذلك في قول الله تعالى: (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النور/2]

وهذه عقوبةٌ نفسية غير تلك الجسدية، وذلك أن بعض الناس لا يهمه أن يُضرب مئات السياط والجلدات، ولكن لا يهون عليه ولا يتحمل الذل والفضيحة بين الناس، فمن لم تردعه العقوبةُ البدنيةُ وُضعت له العقوبةُ النفسيةُ.

4 - تحريم نكاح الزناة والزواني، قال تعالى: (الزَّانِي لا يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [النور/3]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير